للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن لا تلاقي لنا، وألفه للإطلاق، والجملة في محل النصب مفعول ثان لقوله: "فبلغن"، وقال البطليوسي (١): أن مخففة من الثقيلة، واسمها مضمر فيها، وتقديره: أن لا تلاقي، فخبر لا التبرئة محذوف، والجملة في موضع خبر إن.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "أيا راكبًا" حيث نصب راكبًا؛ لأنه منادى مفرد نكرة، وقال أبو عبيدة: أراد: أيا راكباه للندبة، فحذف الهاء؛ كقوله تعالى: ﴿يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٤]، ولا يجوز [يا راكبًا] (٢) بالتنوين لأنه قصد به راكبًا بعينه (٣)، وإنما جاز أن يقال: يا رجلًا بالتنوين إذا لم يقصد به رجل بعينه، وأريد به واحد ممن له هذا الاسم.

فإن قيل: حرف النداء يفيد التعريف بالاتفاق ومع ذلك كيف يدخل على المفرد النكرة ويبقى على تنكيره بعد دخوله؟ فيلزم من هذا أحد أمرين: إما خلو حرف النداء عن التعريف، وذلك خلاف الإجماع، وإما زوال التنكير بعد دخول حرف النداء، وذلك يستلزم: انتفاء كون المنادى مفردًا نكرة.

قلتُ: المنادى يبقى على تنكيره بعد دخول حرف النداء؛ كما أن تعريفه يزيل تعريف العلمية في: يا زيد على أحد التأويلين، وقولهم: حرف النداء يفيد التعريف محمول على عدم المعارض فافهم (٤).


(١) عبد الله بن محمد بن السيد أبو محمد البطليوسي صنف: شرح آداب الكاتب، وإصلاح الخلل الواقع في الجمل، والحلل في شرح أبيات الجمل، والمسائل المنثورة في النحو، وغيرها (ت ٥٢١ هـ) ينظر بغية الوعاة (٥٥، ٥٦).
(٢) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٣) من أنواع المنادى: المنادى المفرد النكرة غير المقصودة، وحكمها النصب كقول الأعمى: يا رجلًا خذ بيدي، ومثله هذا البيت، فالشاعر لم يقصد راكبًا بعينه وإنما أراد: راكبًا من الركبان يبلغ خبره، ولو أراد راكبًا بعينه لبناه على الضم وإنما قال هذا لأنه كان أسيرًا. ينظر ابن يعيش (١/ ١٢٨).
(٤) قال ابن مالك: "وادعى المبرد أن تعريف: يا زيد متجدد بالنداء بعد إزالة تعريف العلمية لأنه لا يجمع بين تعريفين، والصحيح أن تعريف العلمية مستدام كاستدامة تعريف الضمير واسم الإشارة الموصول في: يا إياك، ويا هذا ويا من حضر؛ ولأن النداء لا يلزم من دخوله على معرفة اجتماع تعريفين على أنه لو علم اجتماع تعريفين لجعل أحدهما مؤكدًا للآخر ومسوقًا لزيادة الوضوح؛ كما تساق الصفة لذلك، ويكون ذلك نطر اجتماع دليلي المبالغة في: علامة ودواري".
شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>