للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - يأكُلْنَ ما في رَحْلِهِنَّ هَمْسًا … ولا لَقِينَ الدَّهرَ إلَّا تَعْسًا

٣ - فيهَا عَجُوزٌ لا تُسَاوي فِلْسًا … لَا تَأكُلُ الزُّبدَةَ إلَّا نَهْسًا

٤ - لا تَرَكَ الله لَهُنَّ ضِرْسًا … ........................

[وهي من الرجز المسدس] (١).

و"العجائز": جمع عجوز، و"السعالي": جمع سعلاة بكسر السين المهملة، وهي أخبث الغيلان، وقيل: هي ساحرة الجن، و"الهمس": الصوت الخفي، و"النهس": أخذ اللحم بمقدم الأسنان، يقال: نهست اللحم وأنهسته (٢) بمعنى واحد.

الإعراب:

قوله: "لقد" اللام جواب قسم محذوف تقديره: والله لقد رأيت عجبًا، و"رأيت" بمعنى أبصرت؛ فلذلك اكتفى بمفعول واحد وهو قوله: "عجبًا"، و"مذ أمسًا": جار ومجرور، ومذ هاهنا حرف وهي بمنزلة في؛ كأنه قال: في أمس، والعامل فيها: رأيت، والفتحة فتحة إعراب وهي علامة الجر؛ كما في باب ما لا ينصرف، قوله: "عجائزا": بدل من قوله: "عجبًا"، وقوله: "مثل السعالي": صفته, قوله: "خمسًا": صفة بعد صفة أو عطف بيان أو بدل له.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "مذ أمسًا" حيث أعرب إعراب ما لا ينصرف على لغة بني تميم؛ ولهذا جر بالفتحة، والألف فيه للإطلاق (٣).


(١) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٢) في (أ): (وانتهسته).
(٣) قال سيبويه: "وسألته عن أمس اسمَ رجل؟ فقال: مصروف لأن أمس ليس هاهنا على الحد ولكنه لما كثر في كلامهم وكان من الظروف تركوه على حال واحدة كما فعلوا ذلك بأنى وكسروه كما كسروا غاق؛ إذ كانت الحركة تدخله لغير إعراب؛ كما أن حركة غاق لغير إعراب، فإذا صار اسمًا لرجل انصرف لأنك قد نقلته إلى غير ذلك الموضع؛ كما أنك إذا سميت بغاق صرفته فهذا يجري مجرى هذا كما جرى ذا مجرى لا، واعلم أن بني تميم يقولون في موضع الرفع ذهب أمسُ بما فيه وما رأيته مذ أمسَ فلا يصرفون في الرفع لأنهم عدلوه عن الأصل الذي هو عليه في الكلام لا عن ما ينبغي له أن يكون عليه في القياس؛ ألا ترى أن أهل الحجاز يكسرونه في كل المواضع وبنو تميم يكسرونه في أكثر المواضع في النصب والجر، فلما عدلوه عن أصله في الكلام ومجراه تركوا صرفه كما تركوا صرف آخر .... وإن سميت رجلًا بأمس في هذا المكان صرفته لأنه لا بد لك من أن تصرفه في الجر والنصب لأنه في الجر والنصب مكسور في لغتهم، فإذا انصرف في هذين الموضعين انصرف في الرفع؛ لأنك تدخله في الرفع وقد جرى له الصرف في القياس في الجر والنصب؛ لأنك لم تعدله عن أصله في الكلام مخالفًا للقياس، ولا يكون أبدًا في الكلام اسم منصرف في الجر والنصب ولا ينصرف في الرفع … وقد فتح قوم أمسَ في مذ لما رفعوا وكانت في الجر هي التي ترفع شبهوها بها قال: (البيت) وهذا قليل". الكتاب (٣/ ٢٨٣ - ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>