(٢) قال ابن عصفور في الضرائر (٢٤، ٢٥): "وصرف ما لا ينصرف في الشعر أكثر من أن يحصى، وزعم الكسائي والفراء: أنه جائز في كل ما لا ينصرف إلا أفعل منك نحو: أفضل من زيد، وزعما أن (من) هي التي منعته الصرف، وذلك باطل بدليل أنهم صرفوا: خيرًا من عمرو، وشرًّا من بكر مع وجود "من" فيهما فثبت بذلك أن المانع لصرفه كونه صفة على وزن: "أفعل" بمنزلة: أحمر؛ فكما أن "أحمر" يجوز صرفه في الضرورة فكذلك: أفعل من". وذهب بعض البصريين إلى أن كل ما لا ينصرف يجوز صرفه إلا أن يكون آخره ألفًا؛ فإن ذلك لا يجوز فيه؛ لأن صرفه لا يقام له قافية ولا يصحح به وزن، والصحيح أن صرفه جائز لما بيناه قبل من أن الشعر فد يسوغ فيه ما لا يسوغ في الكلام وأن لم يضطر إلى ذلك الشاعر، وأيضًا فإن السماع قد ورد بصرف ما في آخره ألف، قال المثلم بن رياح المُرِّي: (البيت) رواه ابن الأعرابي بصرف: دنيا، فإن قلت كيف جعلت صرف ما لا ينصرف من قبيل الضرائر، وقد زعم أبو الحسن الأخفش في الكبير له أنه سمع من العرب من يصرف في الكلام جميع ما لا ينصرف؟ وحكى الزجاجي أيضًا في نوادره مثل ذلك؟ فالجواب: أن صرف ما لا ينصرف في الكلام إنما هو لغة لبعض العرب، قال أبو الحسن: فكأن ذلك لغة الشعراء لأنهم اضطروا إليه في الشعر فصرفوه فجرت ألسنتهم على ذلك، وأما سائر العرب فلا يجيزون صرف شيء منه في الكلام؛ فلذلك جعل من قبيل ما يختص بالشعر". وينظر الإنصاف للأنباري مسألة (٦٩)، وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل (٢/ ١٠٩).