للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الفعل والفاعل، و"من شيء" يتعلق به، و"تبالًا": مفعول خفت.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "تفد" حيث حذف منه لام الأمر؛ إذ أصله: لتفد كما ذكرنا، وبعد الحذف لم يذهب عمله، وحذف لام الأمر وإبقاء عملها لا يجوز في الشعر، سواء تقدمه أمر بالقول أو قول غير أمر، أم لم يتقدمه قول، وهذا هو الصحيح (١)، وقال النحاس: قال سيبويه: فإنما أراد: لتفد، سمعت سليمان بن عليّ يقول: سمعت محمَّد بن يزيد ينشد هذا البيت ويلحِّن قائله ولا يحتج به، ولا يُجَوِّزُ مثله في شعر ولا في غيره؛ لأن الجازم لا يضمر، ولو جاز هذا لجاز: يقم زيد، بمعنى: لم يقم زيد.

وحروف الجزم لا تضمر لأنها أضعف من حروف الجر، وحروف (٢) الجر لا تضمر، فبعد أن حكى أبو سليمان هذه الحكاية وجدت هذا البيت في كتاب سيبويه يقول فيه: وحدثني أبو الخَطَّاب أنَّه سمع هذا البيت ممن قاله، قال أبو إسحاق احتجاجًا لسيبويه بهذا البيت: هذا حذف [أي: لتفد، قال:] (٣) وإنما سماه إضمارًا لأنه بمنزلته (٤).


(١) يقول ابن مالك: "وتلزم لام الأمر في النثر فعل غير الفاعل المخاطب وهو فعل الفاعل الغائب أو المتكلم وحده أو مشاركًا وفعل ما لم يسم فاعله مطلقًا كقولك: ليقم زيد، وقوله Object: "قوموا فلأصل لكم" وقوله تعالى: ﴿وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾ [العنكبوت: ١٢] وقولهم: لتُعْنَ بحاجتي وليزه زيد علينا، فاللام في كل هذه واجبة الذكر" شرح التسهيل لابن مالك (٤/ ٥٩).
(٢) في (أ): وحرف الجر لا يضمر، وقصة هذه اللام أن سيبويه يجيز حذفها في الشعر وبقاء عملها، وأما المبرد فلا يجيزه، يقول المبرد: "وتقول: يَا زيد ليقم إليك عمرو، ويا زيد لتدع بني عمرو. والنحويون يجيزون إضمار هذه اللام للشاعر إذا اضطر ويستشهدون على ذلك بقول متمم بن نُوَيْرَة:
على مِثْلِ أصْحَاب البَعُوضَةِ فاخمشِي … لك الويل- حرَّ الوجْهِ أو يبكِ من بَكَى
يريد: أو ليبك من بكى، وقول الآخر: (البيت)، فلا أرى ذلك على ما قالوا؛ لأن عوامل الأفعال لا تضمر وأضعفها الجازمة؛ لأن الجزم في الأفعال نظير الخفض من الأسماء، ولكن بيت متمم حمل على المعنى؛ لأنه إذا قال: فاخمشي فهو في موضع: فلتخمشي، فعطف الثاني على المعنى، وأما هذا البيت الأخير فليس بمعروف على أنَّه في كتاب سيبويه على ما ذكرتُ لك. وتقول: ليقم زيد ويقعدْ خالد وينطلقْ عبد الله لأنك عطفت على اللام، ولو قلت: يقم ويقعد زيد، لم يجز الجزم في الكلام ولكن لو اضطر شاعر فحمله على موضع الأول لأنه مما كان حقه اللام كان على ما وصفت لك: المقتضب (٢/ ١٣٢، ١٣٣).
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٤) ينظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ١٠٠، ١٠١)، (٣/ ١٦٢، ١٦٣)، وإعراب القرآن المنسوب له (١/ ١٣٩)، والحروف العاملة في القرآن الكريم (٦٣١) وما بعدها، وإعراب ثلاثين سورة لابن خالويه (٧٧، ٨٩، ٩٠، ١٢٤)، وأما نص سيبويه الذي يجيز فيه حذف هذه اللام وبقاء عملها في الشعر فهو قوله: يقول سيبويه: "واعلم أن هذه اللام قد يجوز حذفها في الشعر وتعمل مضمرة كأنهم شبهوها بأن إذا أعملوها مضمرة وقال الشَّاعر: (البيت)، وإنما أراد: لتَفْدِ، وقال=

<<  <  ج: ص:  >  >>