للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أطْيَبَ العَيشَ لَوْ أَنَّ الفَتَى حَجَرٌ … تَنبُو الحَوَادِثُ عَنهُ وهْوَ مَلْمُومُ

وقوله (١):

وَلَوْ أَنَّهَا عُصْفُورَةٌ لَحَسِبتَهَا … مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيدًا وَأَزْنَما

وقال ابن مالك رادًّا عليه، وقد جاء اسمًا مشتقًّا في قوله (٢):

ولَوْ أَنَّ حَيًّا مُدْرِكَ الفَلَاحِ … أَدْرَكَهُ مُلَاعِبُ الرِّمَاحِ (٣)

وقال ابن هشام: وقد وجدت آية في التنزيل وقع فيها الخبر اسمًا مشتقًّا ولم يتنبه لها الزمخشري كما لم يتنبه لآية لقمان، ولا ابن الحاجب، وإلا لما منع من ذلك، ولا ابن مالك، وإلا لما استدل بالشعر، وهي قوله تعالى: ﴿يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ﴾ [الأحزاب: ٢٠] (٤).

وقد رُد على ابن هشام بأن هذه الآية ليست من هذا الباب؛ لأن ابن الحاجب قد ذكر في منظومته أن لو في قوله تعالى: ﴿يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ﴾ للتمني وليست للشرط، وإنما هي بمثابة الزائد.

والمعنى: يودون أنهم بَادُونَ نحو: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٧]،


(١) البيت من بحر الطويل للعوام بن شوذب الشيباني، وانظره في شرح الكافية الشافية (١٦٣٩)، والمغني (٢٧٠)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ومسومة: خيولًا معلمة، أزنما: بطن من بني يربوع، يصف الشاعر مخاطبه بغاية الجبن، وشاهده: "لو أنها عصفورة" حيث وقعت (أن) بعد "لو" وهو كثير.
(٢) البيت من قصيدة طويلة للبيد، ديوانه (٤٢)، وانظره في شرح الكافية الشافية لابن مالك (١٦٣٧)، والمغني (٢٧٠)، ملاعب الرماح: هو ملاعب الأسنة عامر بن مالك بن جعفر من الفرسان الذين يضرب بهم المثل في الشجاعة والإقدام، وشاهده: "ولو أن حيًّا" واستشهد به ابن مالك على شيوع ورود "أن" بعد "لو" مشتقًّا خلافًا لقول الزمخشري.
(٣) قال ابن مالك: "ثم نبهت على أنها في الاختصاص بالفعل كـ (أن) وذكرت ما تنفرد به من مباشرة أن نحو: لو أن زيدًا قام لقُمْتُ، وزعم الزمخشري أن بين لَوْ وَأَنَّ (ثبت) مقدر، وهو خلاف ما ذهب إليه سيبويه، فإن سيبويه شبهها في مباشرة (أنَّ) على سبيل الشذوذ بانتصاب غُدْوة بعد: لدن، فـ (أنّ) الواقعة بعد (لو) في موضع رفع بالابتداء، وإن كانت لا تدخل على مبتدأ غيرها؛ كما أن غدْوَة بعد لدن تنتصب وإن كان غيرها بعدها يجب جره. على أنه قد ولي (لو) اسم صريح مرفوع بالابتداء في قول الشاعر:
لَوْ بغَيرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ … كنتُ كالغصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي
ولذلك وجه من النظر، وهو أن (لو) لما لم تصحب غالبًا إلا فعلًا ماضيًا وهو لازم البناء لم تكن عاملة، ولما لم تكن عاملة لم يسلك بها سبيل (إنْ) في الاختصاص بالفعل أبدًا. فنبه على ذلك بمباشرتها (أنّ) كثيرًا وبمباشرتها غيرها قليلًا" ثم أنشد الأبيات المذكورة وغيرها. شرح الكافية الشافية لابن مالك (١٦٣٥ - ١٦٣٩)، تحقيق: عبد المنعم هريدي، وانظر الكتاب (٢/ ٣٧٣).
(٤) المغني (٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>