للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا واليت؛ كذا قال أبو عبيد ثم أنشد الشعر المذكور (١)، وقال أبو عبيدة: هو من غَرِيتُ بالشيء أَغْرَى به وغَرِيَ فلانٌ إذا تمادى في غضبه (٢)، قوله: "نهل" بضم النون وتشديد الهاء؛ بمعنى: كثيرة شائعة بدليل ما روي في رواية: "مدامع حفل" بضم الحاء المهملة وتشديد الفاء بمعنى ممتلئة.

الإعراب:

قوله: "إذا" للشرط، و "قلت": جملة من الفعل والفاعل، و "مهلًا": مقول القول، منصوب على الفعولية تقديره: أمهل مهلًا؛ يعني: إذا قلت لنفسي أمسك عن المحبوبة ولازم التسلي غارت العين، وهي جملة من الفعل والفاعل، وقوله: "بالبكا" في محل النصب على الفعولية، والجملة جواب الشرط، قوله: "غراء" نصب على الحال بمعنى: مغايرة؛ من غاريت بين الشيئين إذا واليت بينهما كما ذكرناه الآن.

قوله: "ومدتها": جملة من الفعل والمفعول وهو الضمير الذي يرجع إلى العين، وقوله: "مدامع"؛ [فاعل] (٣)، والجملة معطوفة على قوله: "غارت العين"، قوله: "نهل" صفة للمدامع.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "غراء" فإنه مصدر غرى، والقياس فيه القصر، والمد فيه شاذ، قلت: هذا على قول أبي عبيدة (٤) واضح، وأما على قول أبي عبيد (٥) فليس بشاذ؛ لأنه مصدر غاريت بين الشيئين


(١) ينظر الصحاح مادة: "غرا".
(٢) الصحاح مادة: "غرا". وشرح الأشموني بحاشية الصبان (٤/ ١٠٦).
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٤) أبو عبيدة بالتأنيث فهو معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري، أبو عبيدة النحوي: من أئمة العلم بالأدب واللغة، مولده ووفاته في البصرة، استقدمه هارون الرشيد إلى بغداد (سنة ١٨٨ هـ)، وقرأ عليه أشياء من كتبه، قال الجاحظ: لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه، وكان إباضيًّا، شعوبيًّا، من حفاظ الحديث، قال ابن قتيبة: كان يبغض العرب وصنف في مثالبهم كتبًا، ولما مات لم يحضر جنازته أحد، لشدة نقده معاصريه، له نحو ٢٠٠ مؤلف، منها: نقائض جرير والفرزدق، ومجاز القرآن، جزآن، وإعراب القرآن وغيرها (ت ٢٠٩ هـ)، الأعلام (٧/ ٢٧٢).
(٥) أما أبو عبيد بالتذكير فهو القاسم بن سلام الهروي الأزدي البغدادي من كبار العلماء بالأدب والحديث والفقه، من مؤلفاته "الغريب المصنف" مجلدان، في غريب الحديث، ألفه في نحو أربعين سنة، وهو أول من صنف في هذا الفن، و "الطهور" في الحديث، و"الأجناس من كلام العرب" و "أدب القاضي" و "فضائل القرآن" و"الأمثال" و"المذكر والمؤنث" و "المقصور والممدود" في القراءات، وغير ذلك، قال فيه الجاحظ: لم يكتب الناس أصح من كتبه ولا أكثر فائدة، توفي في مكة (٢٢٤ هـ)، الأعلام (٥/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>