للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية اسم لدخول حرف الجر عليها؛ كما في قوله (١):

فَصُيّرُوا مثلَ كَعَصْف مَأكُولْ … ................................

لأن الاسم لا يضاف إلى الحرف، وكلمة: "ما" مصدرية، والتقدير: كإثفائها، قال ابن يسعون: هذا التقدير عند من جعل الهمزة زائدة؛ يعني في: يؤثفين، وأما من جعل الهمزة أصلية فالتقدير: كإثفائها؛ لأنها كالسلقاة في مصدر سلقيت؛ لأنه كالدحرجة، ومن قال: دحراجًا قال: إثفاء، فوزنه الآن فعلال، وفي الوجه الأول: إفعال كالإحرام (٢).

والاستشهاد فيه:

في قوله: "يؤثفين" فإن الهمزة فيه يجوز أن تكون زائدة جاءت على القياس المرفوض؛ لأن قولك: أكرم يكرم، الأصل فيه: يؤكرم، فاستمر حذفها في مضارع الباب كراهة اجتماع همزتين في قولك: أنا أأكرم، ثم أتبع حذفها مع سائر حروف المضارعة.

قال ابن يسعون: ولهذا قال أبو علي فيمن جعلها من: أثفيت (٣)، فوزنها على هذا يؤفعلن، والدليل على كونها زائدة قول بعضهم: ثفيت القدر، قال المازني (٤): فأثفية عند هؤلاء أفعولة مثل: أكرومة، قال: وسمعت الأصمعي ينشد (٥):

وذاكَ صنيعٌ لم تُثَفَّ لَهُ قِدْرُ

وقال أبو الفتح: من جعلها أفعولة فلامها واو، وكان قياسها: أثفوة؛ إلا أنه قلب الواو إلى ياء تخفيفًا؛ والدليل على ذلك ما جاء عن ابن الأعرابي أنه قال: جاء يثفوه ويثفيه (٦).


(١) رجز لحميد الأرقط، ينظر الخزانة (٤/ ٢٧٠)، وهمع الهوامع (٢/ ١٥٠)، ونسب في الخزانة وشرح شواهد المغني (٥٠٣)، نقلًا عن العيني إلى رؤبة، وهو في ملحقات ديوانه (١٨١).
والمعنى: وصف قومًا استؤصلت شأفتهم فصاروا كالعصف، وهو التبن أو الزرع الذي أكل حبه، وموطن الشاهد: "مثل كعصف" وهو شاهد على دخول مثل على الكاف، لأن الكاف بمعنى مثل والتقدير: مثل مثل عصف.
(٢) ينظر التكملة للفارسي (٥١٦).
(٣) التكملة للفارسي (٥١٥، ٥١٦)، وفيه يقول: "وربما جاء في الشعر على الأصل كقوله "البيت" فيمن جعله من أثفيت".
(٤) قال المازني: "وأما أُثْفِيَّة فإن بعض العرب يجعلها: فُعلِية فيقول: أثفْتُ القدر، فيجعلها: فَعلْتُ، ويجعل الهمزة موضع الفاء، قال الشاعر: (وصَالياتٍ كَكَمَا يؤثفَين). المنصف (١/ ١٩٣).
(٥) شطر بيت من الطويل، وهو في لسان العرب مادة: "ثفا" وفي أساس البلاغة مادة: "أثف"، وانظر التصريف الملوكي بشرح المنصف (٢/ ١٨٤).
(٦) قال ابن جني: "وأما من جعلها: "أفعولة" فلامها عنده واو، وكان قياسها: أُثْفُوَّة؛ إلا أنه قلب الواو إلى الياء تخفيفًا" المنصف (٢/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>