للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت خمسمائة دينار، فارتحل عبد الله فأتى معاوية [- رضي اللَّه تعالى عنهما -] (١) فقضى حاجته، ثم أقبل راجعًا إلى المدينة حتى إذا قرب من ذلك الشيخ قال لغلامه: ملْ بنا إليه ننظر في أي حالة هو، فانتهينا إليه، فإذا برجل سريّ عنده دخان عال ورماد كثير وإبل وغنم ففرح بذلك، فقال له الشيح: انزل بالرحب والسعة، فقال: أتعرفني؟ قال (٢): لا واللَّه فمن أنت؟ قال (٣): أنا نزيلك ليلة كذا وكذا، فقام إليه وقبّل رأسه ويديه ورجليه، وقال: قد قلت أبياتًا، أتسمعها مني؟ فقال: هات، فأنشده هذه الأبيات، فضحك عبد الله وقال: قد أعطيتنا أكثر مما أخذت (٤) منا، يا غلام: أعطه مثلها، فبلغت فعلته معاوية ﵁، فقال: لله در عبد الله! من أي بيضة خرج؟ وفي أي عش درج؟ هي لعمري من فعلاته.

١ - قوله: "توسمته" من التوسم يقال: توسمت فيه الخير، أي تفرست، قوله: "من آل المرار" بضم الميم وتخفيف الراء؛ وهو شجر مرّ إذا أكلتْ منه الإبل قلصتْ عنه مشافرُها، الواحد مرارة، قال الجوهري: ومنه بنو آكل المرار، وهم قوم من العرب (٥).

قلت: آكل المرار هو أول ملوك كِنْدَة واسمه حجر بن عمرو وهو من ولد كندة، واسمه ثور بن عفير بن الحرث من ولد زيد بن كهلان بن سبأ، وإنما سمي حجر آكل المرار لكون امرأته قالت: خدر كأنه جمل قد أكل المرار لبغضها فيه فغلب ذلك لقبًا عليه.

الإعراب:

قوله: "فعوضني عنها" أي عن العنز التي ذبحها الأعرابي لعبد اللَّه، فالفاء للعطف على ما قبله، و "عوضني" جملة من الفعل والمفعول والفاعل هو الضمير المستتر فيه العائد إلى عبد الله، والمفعول هو الضمير المتصل به والجار والمجرور يتعلق به، "غناي" كلام إضافي مفعول ثان لعوض.

قوله: "ولم تكن" جملة وقعت حالًا، قوله: "تساوي" فعل مضارع من ساوى يساوي مساواة، يقال: هذا الشيء لا يساوي هذا الشيء أي لا يعادلُه، قوله: "عنزي" كلام إضافي فاعل يساوي، وقوله: "غير خمس دراهم" خبر كان (٦)، وخمس مجرور بالإضافة وكذلك قوله: "خمس دراهم".


(١) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٢) و (٣) في (أ): فقال.
(٤) في (أ): مما أعطيناك.
(٥) الصحاح، مادة: "مرر".
(٦) قوله: "خبر كان" ليس كذلك، بل الخبر هو جملة "تساوي"، وأما "خمس" فهي مفعول.

<<  <  ج: ص:  >  >>