للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "قدني": مقول (قال)، قوله: "قال" أي المضيف كما ذكرنا قبل هذه الرواية على ما رواها ابن الناظم (١)، وجماعة آخرون (٢) تدل على أن الشاعر لا ضيف ولا مضيف بل هو حاكٍ عنهما، وليس كذلك، وروى بعضهم: "إذا قلت قدني"فهذا يدل على أن الشاعر هو الضيف (٣) وليس كذلك، فالصحيح: إذا قال قدني قلت باللَّه حلفة، على ما رواه الزمخشري وغيره (٤).

قوله: "حلفة" مفعول مطلق؛ لأن التقدير في قوله: "باللَّه حلفة"، أي: أحلف باللَّه حلفة، قوله: "لتغني" بكسر اللام لأجل التعليل وبياء مفتوحة للناصب المضمر، وهو رواية أبي الحسن (٥) الأخفش، واستدل بها على جواز إجابة القسم بلام كي (٦)، والجماعة يمنعون ذلك؛ لأن الجواب لا يكون إلا جملة، ولام كي وما بعدها جار ومجرور (٧).

والبيت محمول على حذف الجواب وبقاء معموله، أي: لتَشْرَبن لتغني عني، ويروى: لَتغنِينَّ بلام مفتوحة للتوكيد، ونون مكسورة وهي عين الفعل، بعدها نون مشددة مفتوحة للتأ كيد، وهي رواية ثعلب (٨) وهي دليل على أن الياء التي هي لام الفعل المؤكد بالنون قد تحذف وتبقى الكسرة دليلًا عليها، وهي لغة فزارة يقولون: ارمن يا زيد، وابكن يا عمرو (٩)، قال الشاعر (١٠):

وابْكِنّ عَيْشًا تَقضَّى بَعْد جِدَّتِهِ … طَابَتْ أَوَائِلُهُ في ذلِك البَلَدِ

ولغة الأكثرين: ارمين وابكين، ولتغنين بإثبات الياء مفتوحة (١١)، قوله: "ذا إنائك": مفعول لقوله: لتغني، قوله: "أجمعًا" تأكيد للمفعول، فأكد به وإن لم يسبقه كل (١٢).


(١) شرح ابن الناظم (٢٦).
(٢) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٢٣٩).
(٣) قال ابن هشام في المغني (٢١٠) وأنشد أبو الحسن:
إذا قلت قدني قال باللَّه حلفة … لتغني عني ذا إنائك أجمعَا
(٤) روى الزمخشري في المفصل (٩٠) باب الإضافة، البيت هكذا:
إذا قال قدني قال باللَّه حلفةً … لَتُغْني عني ذا إنائِك أجمعا
(٥) في (ب): رواية الحسن الأخفش.
(٦) قال ابن هشام: أجاز أبو الحسن أن يتلقى القسم بلام كي وجعل منه ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ﴾ فقال: المعنى "ليُرضُنّكَم". المغني (٢١٠).
(٧) قال ابن هشام: "والجماعة يأبون هذا؛ لأن القسم إنما يجاب بالجملة". المغني (٢١١).
(٨) ينظر ابن يعيش (٣/ ٨)، المغني (٣١١).
(٩) ينظر المغني (٢١١).
(١٠) البيت من بحر البسيط، غير منسوب لأحد، ينظر المغني (٢١١)، وشرح شواهده للسيوطي (٥٦١)، وقد استشهد بالبيت على أن الياء هي لام الفعل المؤكد بالنون قد تحذف وتبقى الكسرة دليلًا عليها، وهي لغة فزارة؛ حيث يقولون: ارمن يا زيد وابكن، ولغة الأكثرين: ارمْينَّ وابكينَّ بإثبات الياء المفتوحة.
(١١) ينظر ابن الناظم (٢٤٢، ٢٤٣).
(١٢) قال ابن هشام: "ويجوز إذا أريد تقوية التوكيد أن يتبع كله بأجمع وكلها بجمعاء .. وقد يوكد بهن وإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>