للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "حاشاي، استثناء بمعنى غيري، وضمير المتكلم فيه مجرور، وأما في قولهم: حاشاني فمنصوب، والحاصل أنك إذا قلت: قام القوم حاشاك أو حاشاه، يجوز كون الضمير فيه منصوبًا ويجوز كونه مجرورًا، وإذا (١) قلت: حاشاي بلا نون كما في البيت المذكور تعين الجر، وإذا قلت حاشاني بالنون تعين النصب (٢).

وكذلك القول في "خلا وعدا وحاشا" حرف جر عند سيبويه؛ إذ لو كانت فعلًا لدخل عليها نون الوقاية مع ياء المتكلم كما في سائر الأفعال (٣).

وقال الفراء: هي فعل حذف فاعله، وهو مشتق من الحشا، وهو الناحية، قال الشاعر (٤):

................................. … ولا أُحَاشِي مِنَ الأَقْوَامِ من أحدٍ

فـ"أحاشي" مضارع حاشا، والتصرف من خصائص الفعل (٥).

قوله: "إني مسلم" جملة اسمية مؤكدة بإن، وقعت كاشفة لمعنى الاستثناء. وقوله "مسلم": خبر إن، و"معذور" صفة أو خبر بعد خبر.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "حاشاي" حيث لم تدخل فيه نون الوقاية (٦).


(١) في (أ): فإذا.
(٢) قال أبو حيان: "ويستثنى بحاشا، ومذهب سيبويه وأكثر البصريين أنها حرف خافض دال على الاستثناء كإلا" وأنشد البيت. الارتشاف (٢/ ٣١٧)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣٠٦).
(٣) الكتاب (٢/ ٣٤٩) قال سيبويه: "وأما حاشا فليس باسم ولكن حرف يجر ما بعدها، وفيه الاستثناء"، وينظر أيضًا (٢/ ٣٠٩).
(٤) عجز بيت من البسيط للنابغة الذبياني، وصدره:
ولا أرَى فاعِلًا في الناسِ يُشْبِهُهُ … ................................
ينظر ديوان النابغة (٧٣) ط. دار صادر، وشواهد المغني (١/ ٣٦٨)، وابن يعيش (٢/ ٨٥)، (٨/ ٤٨)، وقد أورده شاهدًا على أن "حاشا" فعل على حد قول الفراء.
(٥) دراسة في النحو الكوفي من خلال معاني القرآن للفراء (٤٢١) للمختار أحمد ديرة، ط دار قتيبة، أولى (١٩٩١ م).
(٦) قال ابن مالك: "وتعصب بعض المتأخرين مانعًا فعليةً حاشا بقول بعض العرب: حاشاي ولم يقل: حاشاني وأنشد: (في فتية … )، والجواب أن هذا ورد على استعمالها حرف أنه أكثر من استعمالها فعلًا، ولو أن من قال: حاشا الشيطان، فنصب بها دعته حاجة إلى استثنائه نفسه قاصدًا للنصب لقال: حاشاني كما يقال: عساني، وإنما نظرت حاشا بعسى لتساويهما في عدم التصرف وتأدية كل واحد منهما معنى حرف". شرح التسهيل (٢/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>