للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بعض أسفاره في بادية، وكان قد أوقد نارًا، ثم رمى إليه من زاده وقال [له] (١): تعال تعش، ثم بعد ذلك ينبغي أن لا يخون أحد منا صاحبه؛ حتى نكون مثل الرجلين اللذين يصطحبان.

وقال أبو عبيدة في كتاب الضيفان: ضاف الفرزدق ذئبًا ومعه لحم شاة مسلوخ، فألقى إليه ربع الشاة، وأراد أصحابه طرده فَنَهَاهُم، ثم ألقى الربع الآخر فشبع وتبختر، فقال الفرزدق (٢):

١ - وأَطْلَسَ عَسَّالٍ وَمَا كَانَ صَاحِبًا … دَعَوْتُ لِنَارِي (٣) مَوهِنًا فَأَتَانِي

٢ - فَلَمَّا أتاني قلت دونك إِنَّنِي (٤) … وَإيَاكَ فيِ زَادِي لَمشتَرِكَانِ

٣ - فَبِث أقد (٥) الزَّادَ بَيني وَبَينَهُ … عَلَى ضَوْءِ نَارٍ مَرَّةً وَدُخَانِ

٤ - فَقُلْتُ له لما تَكَشَّرَ ضَاحِكًا … وَقَائِمُ سَيفِي فيِ يَدِي (٦) بِمَكَانِ

٥ - تَعَشَّ فإن عَاهَدْتَنِي (٧) لا تَخُونُنِي … نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَحِبَانِ

٦ - وَأَنْتَ امْرؤٌ يا ذِئبُ وَالْغَدْرُ كُنْتُمَا … أُخَيَّيِن كَانَا أُرْضِعَا بِلِبَانِ

٧ - وَلَوْ غَيرَنَا نَبَّهْتَ تَلْتَمِسُ القِرَى … رماك بسَهْم (٨) أو شَبَاةِ سِنَانِ

٨ - وَكُلُّ رَفِيقِي كُل رَحْلٍ وَإنْ هُمَا … تَعَاطَى القَنَا قَوْمَاهُمَا إِخْوَانِ

وهي من الطويل وفيه الحذف، ولا يخفى (٩) على الفَطِن.

١ - قوله: "وأطلس" أي: ورب أطلس؛ وهو الأغبر من الذئاب، قوله: "عسَّال": صيغة مبالغة من العسلان؛ وهو مشي الذئب باضطراب وسرعة، قوله: "مَؤهِنًا" بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهاء؛ وهو ساعة تمضي من الليل، وكذلك الوهن، قوله: "فأتاني" أي: فرأى النار فأتاني، ويروى: "دفعت" موضع "دعوت"، ويروى: "رفعت" فهو من المقلوب، أي رفعت له ناري فرآها فأتاني.

٢ - قوله: "فلما أتاني قلت دونك إنني" ويروى: "فلمَّا أتى قلت: ادن إنني" أي: اقرب وخذ أي: كل.


= والمقتضب (٢/ ٢٩٥)، وابن يعيش (٢/ ١٣٢)، وحاشية الصبان (١/ ١٥٣)، ومغني اللبيب (٤٠٤)، وفي الديوان (٦٢٨) بشرح علي فاعور، روايته:
تعش فإن واثقتني لا تخونني … نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
(١) ما بين المعقوفين سقط في النسخة (أ).
(٢) ديوان الفرزدق (٣٩٩) بشرح مجيد طراد، ط. دار الكتاب العربي.
(٣) في الديوان: بناري.
(٤) في الديوان: فلما دنا قلت ادن دونك إنني ....
(٥) في الديوان: فبت أسوي …
(٦) في الديوان: من يدي.
(٧) في الديوان فإن واثقتني.
(٨) في الديوان: أتاك بسهم.
(٩) في (أ): لا يخفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>