للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دبران": علم على الكوكب الذي يدبر الثريا، وهو خمسة كواكب في الثور (١)، يقال: إنها سنامة، وحقه أن يصدق على كل مدبر، ولكنه غلب على هذه الكواكب من بين ما أدبر، قال سيبويه: ولا يقال لكل شيء (٢) صار خلف شيء دبران، قوله: "غدوًا" -بفتح الغين المعجمة وسكون الدال وفي آخره واو، أَراد به غدًا، ولكنه أبرزه على أصله؛ لأن الغد، أصله: "غدو" حذفوا الواو منه بلا عوض (٣)، وممن أخرجه على أصله نحو هذا البيت وهو للبيد حيث يقول (٤):

وما الناسُ إلا كالدِّيَارِ وَأَهْلِهَا … بها يومُ حلوها وغَدْوًا بَلاقِعُ

فقال: غدوًا على أصله ولم يقل غدًا، والغد؛ اسم لتالي يومك، ويستعمل أيضًا للزمن المتأخر مطلقًا، ومنه قوله تعالى: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦)[القمر: ٢٦]، أي: يوم القيامة أو يوم الفتح، وهذا ظاهر في البيت.

قوله: "بِأسعُدِ" -بضم العين: جمع سعد، وسعود النجم وأسعدها عشرة، أربعة منها في برج الجدي والدلو ينزلها القمر، وهي سعد الذابح وسعد بُلْعَ [وسعد الأخبية] (٥) وسعد السعود، وهو كوكب منفرد نيّر، وأما الستة التي ليست من المنازل فسعد ناشرة، وسعد الك، وسعد البهائم، وسعد الهمام، وسعد البارع، وسعد مطر، وكل سعد من هذه الستة كوكبان، بين كل كوكبين من رأي العين قدر ذراع وهي متناسقة، وأما سعد الأخبية فثلاثة أنجم كأنها أثافي، ورابع تحت واحد منهن.

والحاصل: أنه ذكر الدبران التي هي علم للكواكب الخمسة، وكنى بها عن الإدبار الذي هو ضد الإقبال والسعد، وذكر الأسعُد التي هي سعود النجم، وكنى بها عن السعد الذي هو ضد النحس.

والمعنى: إذا رأيت منك إدبارًا يومًا؛ يعني شيئًا أكرهه فلا أقطع رجائي منك، ولكنني أؤمل حصول خيرك بعد ذلك بأن ألقاك في الغد في سعد وإقبال.

الإعراب:

قوله: "إذا دبران" يجوز فيه الوجهان الرفع على الابتداء، وخبره قوله: "لقيته" أو يكون


(١) الصحاح للجوهري، واللسان أيضًا، مادة: "دبر".
(٢) اللسان، مادة: "دبر": أيقال لكل شيء؟.
(٣) الصحاح للجوهري، مادة: "غدو".
(٤) البيت من بحر الطويل، وهو من قصيدة للبيد يرثي بها أخاه، الديوان (٨٨) ط. دار صادر وفيها البيت المشهور، (وما المال والأهلون).
(٥) ما بين المعقوفين سقط في: (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>