للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رد على أبي عمرو بن العلاء؛ إذ زعم أنه يقال: فاظ الرجل كما قال رؤبة (١):

لا يَدفنُونَ مِنْهُمُ مَنْ فَاظَا … ...................................

ولا يقال: فاظت نفسه، وعلى من قال: إنما يقال في فعل النفس بالضاد، وبعضهم يخص الضاد بلغة تميم (٢)، واتفقوا في: فاظ الرجل أنه بالظاء، وذكر ابن دحية (٣) في كتاب مرج البحرين وفوائد المشرقين والمغربين أن أبا محمد بن حزم (٤) حكى أن الوزير أبا الحسن جعفر بن عثمان الصحفي (٥) كتب إلى صاحب الشرط أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي اللغوي كتابًا فيه: فاضت نفسه بالضاد فكتب إليه معترضًا (٦):

١ - قُلْ لِلْوَزِير السنّي محمَّده … لِي ذمة منك أنتَ حافِظُها

٢ - إنْ لَم تُحافِظْ عِصَابَة نسبت … إليكَ قدمًا فمَنْ يُحَافِظُها

٣ - لا تدَّعَنْ حَاجَتِي مطرحة … فَكان نَفْسِي قَد فَاظَ فَائِظُها

فَأجابه:

١ - خَفضْ قَلِيلا فَأَنْتَ أَوْحَدها … عِلْمًا وَنَقَّابُها وَحَافِظُها

٢ - كَيفَ تضِيعُ العُلُوم في بَلدٍ … أَبْنَاوُها كلُّهُم يُحَافِظُها

٣ - أَلْفَاظُهم كلها مُعَطَّلَة … مَا لَم يُعَوَّلْ عَلَيكَ لافظها

٤ - وَقَد أَتَتْنِي قَدَيْت شَاغِلة … لِلنفْسِ أَنْ قُلت فَاظَ فَائِظُها


(١) ليس في ديوان رؤبة ولا في ملحقات ديوانه، وهو في الصحاح واللسان مادة: "فيظ"، وفي اللسان جاء قبله:
(والأَزد أَمسَى شِلوهم لُفاظا)
كما جاء بعده:
(لا يَدفِنُون منهم مَن فاظا … إِن مات في مَصيفِه أَو قاظا)
(٢) في لسان العرب مادة: "فوظ" يقول: "قال الفراء: يقال: فاضت نفسه تَفِيضُ فَيضًا وفُيوضًا وهي في تميم وكلب وأفصحُ منها وآثَرُ: فاظت نفسُه فُيوظا". وفي لسان العرب مادة: (فيض) يقول: "وأَما أَبو عبيدة فقال: فاظت نفسه بالظاء لغة فيس، وفاضت بالضاد لغة تميم، وقال أبو حاتم: سمعت أَبا زيد يقول: بنو ضبة وحدهم يقولون: فاضت نفسه وكذلك حكى المازني عن أَبي زيد قال: كل العرب تقول: فاظت نفسُه إِلا بني ضبة فإِنهم يقولون: فاضت نفسه بالضاد، وأَهل الحجاز وطيئ يقولون: فاظت نفسه، وقضاعة وتميم وقيس يقولون: فاضت نفسُه مثل فاضت دَفعَتُه وزعم أَبو عبيد أَنها لغة لبعض بني تميم يعني: فاظت نفسه وفاضت".
(٣) هو عمر بن الحسن بن علي بن محمد (ت ٦٣٣ هـ). ينظر الأعلام (٥/ ٤٤).
(٤) هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمد (ت ٤٥٦ هـ). ينظر الأعلام (٤/ ٢٥٤).
(٥) هو جعفر بن عثمان بن نصر (ت ٣٧٢ هـ). ينظر الأعلام (٢/ ١٢٥).
(٦) الأبيات من بحر المنسرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>