للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي [أيضًا] (١) خبر بعد خبر، قوله: "وتارات": عطف على قوله: "تارة" وهو جمع تارة، ويجمع على: تير -أيضًا- قال الشاعر (٢):

يقومُ تارات ويمشي تِيَرًا … ...................................

قوله: "يجم": خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو يجم، وقوله: "فيغرق": عطف عليه.

الاستشهاد فيه:

على كون المبتدأ له خبران جملتان وليس للمبتدأ رابط إلا الضمير الذي في الجملة الأخيرة فيهما، وهو الضمير المستتر في قوله: "فيبدو" والتحقيق في هذا المقام أن الجملتين إذا عطفت إحداهما على الأخرى بالفاء التي هي السببية، تنزلتا منزلة الشرط والجزاء واكتفى بضمير واحد في إحداهما، كما اكتفى بضمير واحد في جملتي الشرط والجزاء؛ فإذا قلت: جاء زيد جاء عمرو فأكرمه، فالارتباط وقع بالضمير الذي في الثانية (٣). نص على ذلك ابن أبي الربيع (٤)، (٥)، فإذا كان كذلك فقوله: "وإنسان عيني" مبتدأ كما ذكرنا، ولا رابط له من الجملتين الواقعتين له خبرًا إلا الضمير الذي في الجملة الأخيرة منهما، وهو الضمير المستتر في قوله: "فيبدو"، وإذا كانت إحدى الجملتين معطوفة على الأخرى بالواو نحو: زيد يقوم بكر ويغضب، أجاز ذلك ابن هشام ومنعه البصريون على ما عرف في موضعه (٦).


(١) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٢) البيت من الرجز غير منسوب، وهو في لسان العرب مادة: "تور"، والبيت ليس بشاهد نحوي وإنما جيء به لبيان جمع تارة على تير وتارات.
(٣) ينظر توضيح المقاصد (١/ ٢٧٥، ٢٧٦).
(٤) ابن أبي الربيع: عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد أبو الحسين بن أبي الربيع الإشبيلي (ت ٦٨٨ هـ). بغية الوعاة للسيوطي (٢/ ١٢٥، ١٢٦)، وينظر الأعلام للزركلي (٤/ ٣٤٤).
(٥) قال ابن أبي الربيع في كتابه البسيط في شرح جمل الزجاجي (١/ ٥٥٨)، وهو يشرح هذا البيت: (إن الخليط أجد البيت فانفرقا) إن (أجد) فيه بمعنى (جد)، ويكون الضمير العائد على الخليط مستترا في انفرقا، ويكون بمنزلة المثال: زيد يطير الذباب فيغضب.
(٦) من روابط جملة الخبر المتعددة العطف بالفاء التي للسببية لجملة ذات ضمير على أخرى خالية منه وبالعكس كبيت الشاهد، وان كان محتملًا فيه أن يكون أصله: يحسر الماء عنه، وأما العطف بالواو فهو مذهب لهشام وحده نحو: زيد قامت هند وأكرمها ونحو: زيد قام وقعدت هند، بناء على أن الواو للجمع فالجملتان عنده كالجملة، ورد بأن الواو للجمع في المفردات لا في الجمل كما تقول: هذان قائم وقاعد. ينظر المغني (٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>