للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تامة بمعنى وجدوا، و "لنا": في محل جر نعت للجيران، وقوله: "كرام": بالجر صفة للجيران.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "كانوا" فإنهم قالوا: إنها زائدة بين الصفة والموصوف، فإن قيل: ليست كان هاهنا زائدة لوجهين:

أحدهما: أنها مسندة إلى الضمير الذي هو الواو، وذلك يدل على الاهتمام بها، وإلى هذا أشار الشيخ جمال الدين بن هشام بقوله: وليس من زيادتها قوله:

فَكَيْفَ إِذَا مَرَرْتَ بِدَارِ قَوْمٍ … وَجِيرَانٍ لَنَا كَانُوا كِرَامٍ

لرفعها الضمير خلافًا لسيبويه (١).

الثاني: أن "الواو" اسمها، و "لنا": خبرها، والتقدير إذن: وجيران كرام كانوا لنا (٢).

قلت: أما الأول: فلا يمنع إسنادها زيادتها بدليل إلغاء ظننت مسندة ومتأخرة ومتوسطة، وقد قيل في قوله ـــــــــ ـــــــــ لعائشة - رضي الله تعالى عنها - (٣) "كنت لك كأبي زرع لأم زرع": إنّ كنت زائدة، والتقدير: أنا لك كأبي زرع.

والثاني: أن الأصل عدم جواز تقديم الخبر ومنع كون لنا خبرًا مقدمًا.

ثم اعلم أنهم اختلفوا في فاعل الزائدة:

فقال السيرافي: فاعلها مصدر، أي: كان الكون (٤).

وقال أبو علي: الزائدة لا فاعل لها؛ فعلى هذا لا يكون "كانوا" ها هنا زائدة (٥)، ومن قال


(١) ينظر أوضح المسالك لابن هشام (١/ ٢٥٨).
(٢) قال ابن هشام في حديثه عن الضمير في "كانوا كرام": وقيل: بل هو معمول لكان بالحقيقة، فقيل: على أنها ناقصة، ولنا: الخبر، المغني (٢٨٧).
(٣) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) كتاب النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل (٩/ ٣١٧) برقم (٥١٨٩) عن عائشة بلفظه، وأخرجه مسلم في صحيحه (شرح النووي) كتاب فضائل الصحابة، باب حديث أم زرع (١٥/ ٥٤٧) عن عائشة بلفظه.
(٤) قال أبو حيان: وقال السيرافي: فاعلها ضمير المصدر الدال عليه الفعل كأنه قيل: كان هو أي الكون" ينظر ارتشاف الضرب (٣/ ٩٦)، شرح الجمل الكبير لابن عصفور (١/ ٤٠٩)، والهمع (١/ ١٢٠).
(٥) قال السيوطي: "وذهب الفارسي إلى أنها لا فاعل لها؛ لأن الفعل إذا استعمل استعمال ما لا يحتاج إلى فاعل استغني عنه بدليل: أن قلما فعل، ولما استعملته العرب للنفي لم يحتج إلى الفاعل إجراء له مجرى حرف النفي" الهمع (١/ ١٢٠، ١٢١) وشرح الجمل الكبير لابن عصفور (١/ ٢٧٤)، وشرح المغرب (٢/ ٨٨٥)، وشرح الرضي على الكافية (٢/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>