للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوفة، والأولى أن المصدرية عند البصريين والشرطية عند الكوفيين، زعموا أن "أن" المفتوحة قد يجازى بها (١).

ويؤيده أمور منها: أن ابن دريد روى في جمهرته: إما كِنت بالكسر (٢)، وبذكر كان؛ فعلى هذا إما لتاكيد الشرط مثلها في: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ﴾ [مريم: ٢٦].

ومنها: مجيء الفاء بعدها واستغناء الكلام عن تقدير، وعلى قول البصريين (٣)، فالأصل: لأن كنت ذا نفر فَخَرْتَ، فَحُذِفَتْ همزةُ الإنكار ولام التعليل، ومتعلق اللام، وهو فخرت إذ لا يتعلق بما بعد الفاء؛ لأن المعنى يأبى ذلك، والفاء على هذا قيل: زائدة (٤)، والصواب أنها رابطة لما بعدها بالأمر المستفاد من السابق؛ أي: تنبه فإن قومي (٥).

وقال ابن يعسون (٦): أما هاهنا مركبة من أن وما التي تدخل للتأكيد، وقال أبو علي وأبو الفتح: "ما" في "أما" هي [الرافعة] (٧) الناصبة؛ لأنها عاقبت [لفعل الرافع الناصب؛ يعني: أن كان، فعملت عمله في الرفع والنصب (٨).

قوله: "ذا نفر" منصوب لأنه] (٩) خبر كان، قوله: "فإن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل وقوله: "قومي": اسمه، وقوله: "لم تأكلهم الضبع": خبره، والضبع: فاعل لم تأكلهم، ويروى: فإن قومك، وهذا وهمٌ لا يساعد المعنى الذي أراده العباس فافهم.


(١) قال الرماني في حديثه عن (أنْ): "وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى (إذا) قالوا ذلك في قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ١، ٢] زعموا أن معناه: إذا جاءه الأعمى". معاني الحروف (٧٣).
(٢) جمهرة اللغة لابن دريد (١/ ٣٠٢).
(٣) ينظر مغني اللبيب (٣٥).
(٤) أشار الرماني إلى أن الفاء تأتي زائدة كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ … فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨]. ينظر معاني الحروف (٤٦).
(٥) ينظر شرح شواهد المغني للسيوطي (١١٦، ١١٧).
(٦) هو أبو الحجاج يوسف بن يبقى، مات في حدود (٥٤٠ هـ)، ألف المصباح في شرح ما أعتم من شواهد الإيضاح. البغية (٢/ ٣٦٣).
(٧) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٨) قال ابن جني "فإن قلت: بم ارتفع وانتصب (أنت منطلقًا) قيل: بـ (ما) لأنها عاقبت الفعل الرافع الناصب فعملت عمله من الرفع والنصب، وهذه طريقة أبي علي وجلة أصحابنا من قبله في أن الشيء إذا عاقب الشيء ولي من الأمر ما كان المحذوف يليه"، الخصائص (٢/ ٣٨١).
(٩) ما بين المعقوفين سقط في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>