للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة صار أبو زيد إلى إبراهيم بن هشام فأنشده (١):

يا ابن هشام يا أخا الكرام … .....................................

فقال له إبراهيم: وإنما أنا أخوهم وكأني لست منهم، ثم أمر به فضرب بالسياط، وامتدح أبو وجزة آل الزبير، فكتبوا له بستين وسقًا من تمر، وقالوا: هي لك في كل سنة فانصرفا، فقال أبو زيد القصيدة المذكورة يهجوه بها ويصفه بأنه لم يزل في ضر وبؤس حتَّى أنقذه ذو رحمه هشاء فجعله ملكًا بعد أن كان سوقة، وأنه كلما تذكر ما كان فيه تشدد وبخل، وقال أبو وجزة (٢):

١ - رَاحَتْ رَوَاحًا قَلُوصي وهْيَ حَامدَةْ … آلَ الزُّبَيرِ فلم تَعْدِلْ بِهِمْ أَحَدا

٢ - رَاحَتْ بستِّينَ وَسْقًا في حَقِيبَتَها … ما حَملَتْ حَمْلَها الأدْنَى ولا البددا

٣ - مَا إِنْ رَأَيْتُ قَلُوصًا قَبلَها حَمَلَتْ … ستِّين وَسْقًا ولا جَابَتْ بهِ بَلَدا

٤ - ذَاكَ القِرى لَا قِرَى قَوْمٍ رَأَيْتُهُمُ … يَقْرُون ضيفَهُمْ المَلْويَةَ الجُدُدا

١ - قوله: "مدحت عروقًا للندى مصت الثرى حديثًا" قال المبرد: فإنما عني أن إبراهيم وأخاهُ مُحمدًا إنما تطعما بالعيش ودخلا في النعمة وخرجا من حد السوق إلى حد الملوك حديثًا وذلك بهشام بن عبد الملك؛ لأنهما كانا خَاليْهِ فإنما وَلَّاهُمَا عن خمول.

قوله: "فلم تهمم بأن تتزعزعا" فإنما هذا مثل يقال: فلان يهتز للندى ويرتاح لفعل الخير والتزعزع: التحرك، والمراد به هنا التحرك لفعل الخير.

٢ - قوله: "نقائذ بؤس": جمع نقيذة؛ أي: أُنْقِذَتْ مما كانت فيه من البؤس، ويقال: نقيذة للذكر والأنثى بالتاء؛ فالتاء للمبالغة لا للتأنيث، قوله: "أضرعًا" بضم الراء؛ جمع ضرع، يقال: حلب الدهر أشطره، أي: قاسى شدته ورخاءه وجَرَّبَهُمَا.

٣ - قوله: "سقاها " الضمير المنصوب فيه يرجع إلى العروق المذكورة في أول القصيدة، و"ذوو الأحلام": أصحاب العقول، ويروى: "ذوو الأرحام"، قوله: "سَجْلًا " بفتح السين المهملة وسكون الجيم؛ وهو الدلو إذا كان فيه ماء قل أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة سجل، ويجمع على سجال، ويقال: السجل كالدلو والغرب (٣)، وزنًا ومعنى وبمعناهن الذنوب، والدلو خاصة يؤنث والغرب مُخْتَصٌّ (٤) بالكبير من الدلاء.


(١) البيت من بحر السريع.
(٢) الأبيات من البسيط وهي في الكامل (٢٤٤).
(٣) في (أ): ويقال: السجل والغرب كالدلو.
(٤) في (أ): والغرب يختص.

<<  <  ج: ص:  >  >>