للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا البيت مسألة حسابية، وهو أن يقال: أي عدوإذا أضيف إليه نصفه وواحد بلغ مائة؟ فتقول: العدد شيء ويضاف عليه نصف شيء وواحد لكلغ مائة؛ فيكون الشيء ستة وستين ونصف الشيء ثلاثة وثلاثين، فصار تسعة وتسعين فإذا أضيف إليها واحد صارت مائة؛ فقد أضيف إليه نصف شيء وواحد فصار الشيء مائة.

ويدل على ذلك قوله: ليتما هذا الحمام لنا ونصفه إلى حمامتنا، أي: ألا ليتما هذا الحمام لنا ومثل نصفه إلى حمامتنا، أي: يضاف هذا الحمام ومثل نصفه إلى حمامتنا فيصير مائة، ولذلك قال النابغة بعد هذا البيت:

فحسبوه فَأَلْفَوْهُ كما ذكرت … ........ إلى آخره

الإعراب:

قوله: "قالت": جملة من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الزرقاء، قوله: "ألا ليتما هذا الحمام … إلى آخره": مقول القول، وكلمة: "ألا" ها هنا للتمني، وإن كان موضعها الأصلي للتنبيه.

قوله: "ليتما" كلمة ليت حرف تمني يتعلق بالمستحيل غالبًا وبالممكن قليلًا، وحكمه أن ينصب الاسم ويرفع الخبر، وقد ينصبهما عند الفراء (١)، وقد اقترن بها ها هنا ما الحرفية، فجاز فيها إعمالها لبقاء الاختصاص وجاز إهمالها حملَا على أخواتها؛ فعلى الأول يُنْصَبُ الحمامُ، وعلى الثاني يُرْفَعُ.

وقد قيل: يحتمل أن يكون رفع "الحمام" على أن "ما" موصولة وأن الإشارة خبر لهو محذوفًا، والتقدير: ليت الذي هو هذا الحمام لنا؛ فلا بد حينئذ على الإهمال، ولكن فيه نظر؛ لأن حذف العائد المرفوع بالابتداء في صلة غير أي مع عدم طول الصلة قليل (٢).

قوله: "لنا": خبر ليت، قوله: "إلى حمامتنا" كلمة إلى ها هنا بمعنى المعية، أي: [مع حمامتنا] (٣)؛ كما في قوله تعالى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [الصف: ١٤] أي: مع الله، قوله: "أو نصفه": كلمة


(١) مغني اللبيب (٢٨٥)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٩).
(٢) يقول ابن مالك: وإن عاد [أي العائد المرفوع] على غير "أي" ولم يكن خبره جملة ولا ظرفًا جاز حذفه عند الكوفيين مطلقًا كجوازه في صلة (أي)، ولا يجوز حذفه عند البصريين دون استكراه إلَّا إذا طالت الصلة كقول بعض الرب: ما أنا بالذي قائل لك سوءًا، أراد: ما أنا بالذي هو قائل لك سوءًا". ينظر: شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٢٠٧)، والمغني (٣٠٨).
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>