للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لا يعنيه"، وقرأ ابن محيصن (١) والزهري (٢): (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يُغْنيَه) [عبس: ٣٧] بفتح الياء وبالعين المهملة (٣)، ووقع في بعض النسخ: قد علتهم، من العلو، وهو -أيضًا- تحريف، و" الشئون ": جمع شأن وهو الخطب والأمر والحال، والبيت مأخوذ من معنى القراءة المذكورة، وأما قراءة الجماعة فمعناها: يغنيه عن النظر في شأن غيره.

الإعراب:

قوله: "يُحْشَرُ" على صيغة المجهول، و"الناس": مفعوله، وقد ناب عن الفاعل.

والمعنى: يحشر الله الناس؛ أي: يجمعهم يوم القيامة للعدل والفضل، وحذف الفاعل للضرورة مع شهرته وتعينه لذلك.

قوله: "لا بنين": حال ولم يحتج إلى الواو؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: ٤١] "ولا": لنفي الجنس، قوله: "بنين": اسمه، وخبره محذوف؛ أي: لا بنين حاصلون [أو موجودون] (٤) قوله: "ولا آباء": عطف عليه؛ أي: ولا آباء حاصلون، قوله: "إلا": استثناء مفرغ، والمستثنى حال، والحالان متداخلان لا مترادفان، ويقال: إلا زائدة، "وقد عنتهم شئون": جملة حالية، ويقال: الواو زائدة لتأكيد الصفة، بالموصوف؛ لأن قوله: "عنتهم شئون": صفة للناس، وقد قال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ [الحجر: ٤] فقال: ولها كتاب: جملة واقعة صفة لقرية، وتوسط الواو لتوكيد الصفة بالموصوف؛ كما في الحال (٥)، وبهذا يُرَدُّ على ابن مالك؛ حيث قال: "إلا" لا تَقَع بين موصوف وصفته، لأنهما كشيء واحد (٦).


= ابْنِ عَلِيٍّ بْنِ أَبي طَالِب أَن رَسُولَ الله ﷺ قَال: "مِنْ حسنِ إِسْلَامِ الْمرء تَركُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ".
(١) محمَّد بن صالح أبو إسحاق المري البصري الخياط، روى الحروف سماعًا عن شبل بن عباد، روى القراءة عنه عرضا محمَّد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة، وروى الحروف عنه روح بن عبد المؤمن وإسحاق بن أبي إسرائيل، وروي عنه الداني أنه قال: سألت شبل بن عباد عن قراءة أهل مكة فيما اختلفوا فيه وفيما اتفقوا عليه، فقال: إذا لم أذكر ابن محيصن فهو المجتمع عليه، وإذا ذكرت ابن محيصن فقد اختلفوا فيه وعبد الله بن كثير وذكر القراءة.
(٢) عبيد الله بن عمر بن يزيد أبو عمرو الزهريّ، روى القراءة عرضًا عن أبي زيد سعيد بن أوس، قرأ عليه إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم الأشعري.
(٣) ينظر البحر المحيط (٨/ ٤٣٠).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط في (ب).
(٥) قال الزمخشري: " (ولها كتاب) جملة واقعة صفة لقرية، والقياس ألا تتوسط الواو بينهما، كما في قوله: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إلا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] وإنما توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، كما يقال في الحال: جاءني زيد عليه ثوب وجاءني وعليه ثوب". الكشاف (٢/ ٥٧٠).
(٦) نصه في شرح التسهيل (٢/ ٣٠١): "صرح أبو الحسن وأبو علي بأن "إلا" لا تفصل بين موصوف وصفة، وما ذهبا إليه هو الصحيح؛ لأن الموصوف والصفة كشيء واحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>