للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد بالنصب والخفض؛ فالنصب على تقدير: فدون ما بعد غد، فما موصولة، وبعد صلتها، والخفض على إضافة دون إليه، قوله: "فمتى": استفهام، و"تقول": جملة من الفعل والفاعل بمعنى تظن، فلذلك نصب مفعولين وهما قوله: "الدار" وقوله: "تجمعنا"، وقال النحاس في شرح كتاب سيبويه: "تجمعنا" في موضع المفعول الثاني، أي: جامعة لنا (١).

الاستشهاد فيه:

في قوله: "تقول" فإنه بمعنى تظن؛ لأنه نصب المفعولين، ولكن هذا بشروط خمسة:

الأول: أن يكون فعلًا؛ فلا ينصب بالمصدر ولا باسم الفاعل.

الثاني: أن يكون مضارعًا؛ فلا ينصب بالماضي ولا بالأمر.

الثالث: أن يكون مسندًا إلى ضمير الخاطب؛ فلا ينصب به مع الهمزة والنون والياء وتاء المؤنثة الغائبة.

الرابع: أن يكون معتمدًا على استفهام؛ فلا ينصب ما لم يتقدمه استفهام.

الخامس: أن يكون غير مفصول بأجنبي غير ظرف أو عديله. فهذه الشروط موجودة في البيت المذكور بخلاف غيره.

وأما سليم فإنهم يجرون القول مجرى الظن مطلقًا، فيقولون: قلت زيدًا منطلقًا، وأقول زيدًا منطلقًا، وأنا قائل زيدًا منطلقًا، وأعجبني قولك بشرًا كريمًا، وقل عمرًا متكلمًا، وعلى لغتهم تفتح أن بعد قلت وشبهه والله أعلم.

واعلم أن ابن مالك -رحمه الله تعالى- شرط أيضًا كونه حالًا (٢)، والبيت المذكور يرد عليه ذلك؛ لكن يقول هذا إذا كان متى في البيت ظرفًا لتقول، وذلك أن متى ظرف لما يستقبل من الزمان، وتقول: فعل مضارع وقع مظروفًا لمتى، ويلزم من كون متى مستقبلًا أن يكون مظروفها -أيضًا- مستقبلًا، فحينئذ لا يصلح تقول للحال، فعلى هذا الوجه اشتراط الحال ليس بصحيح.

وأما إذا قلنا: إن "متى" ظرف لقوله: "تجمعنا" على أن الصواب هذا؛ فحينئذ [يصلح] (٣) أن


(١) نصه في شرح أبيات سيبويه (١٢٣) د. وهبة متولي: "كأنه قال: متى تظن الدار هذه حجة بأن العرب تجري القول مع حرف الاستفهام مجرى ترى وتظن".
(٢) قال ابن مالك: "وهذا الاستعمال وهو إجراء القول مجرى الظن عند غير بني سليم لا يكون إلا في المضارع المسند إلى المخاطب مقصودًا به الحال بعد استفهام متصل": شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٩٥)، وتوضيح المقاصد (١/ ٣٩٣، ٣٩٤).
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>