للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهما من الطويل.

قوله: "جماحا": من جمح [الفرس] (١) إذا جرى جريًا عاليًا، وقال ابن فارس: جمح الفرس جماحًا إذا أعثر فارسه حتى يغلبه (٢)، وقال ابن الأثير: جمح أي: أسرع إسراعًا لا يرده شيء، وكل شيء مضى لوجهه على أمر فقد جمح، والجموح من الرجال الذي يركب هواه فلا يمكن رده، والمعنى هاهنا على هذا، قوله: "ولم يسل" من سلا يسلو سلوًا، قوله: "تغرى": من الإغراء وهو الإشلاء والتحريض.

الإعراب:

قوله: "ولما": ظرف، وجوابه قوله: "تسلى" في البيت الثاني، وقوله: "أبى": فعل بمعنى امتنع، وقوله: "فؤاده": كلام إضافي فاعله، قوله: "إلا جماحًا" استثناء من موجب، والاستثناء من موجب يجوز نصبه بالناصب، وهو إلا عند المحققين كما عرف في موضعه، ولكن جماحًا في الحقيقة مفعول حصر بإلا وتقدم على فاعله، ومثل هذا يجوز عند البصريين والكسائي والفراء، وذهبت طائفة إلى أن المحصور بإلا يجب تقديم فاعله كما في المحصور بإنما نحو: إنما ضرب زيد عمرًا (٣)، قوله: "ولم يسل": عطف على قوله: "ولما أبى"، و"عن ليلى": يتعلق به وكذا الباء في قوله: "بمال"، قوله: "ولا أهل" بالجر عطف على بمال، قوله: "فإذا التي تسلى" إذا هذه للمفاجأة، وما بعده مبتدأ وخبر.

الاستشهاد فيه:

أن البصريين احتجوا به على جواز تقديم المفعول المحصور بإلا على الفاعل كما شرحناه الآن (٤).


(١) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٢) مقاييس اللغة مادة: "جمح".
(٣) أجاز الكسائي تقديم المحصور بإلا فاعلًا كان أو مفعولًا وتبعه الفراء وهو قول أكثر البصريين في جواز تقديم المفعول المحصور بإلا في البيت، أما إذا كان المحصور فاعلًا فلا تقديمه عن البصريين، وما ورد من ذلك يؤول عندهم وستأتي شواهد دالة على ذلك، وإن كان المحصور بإلا أو إنما وجب تأخير الفاعل أو المفعول المحصور، وإن كان بما وإلا جاز تقديم المحصور إذا تقدم معه إلا على الراجح؛ لأن المحصور يعرف بوقوعه بعدها تقدمت أو تأخرت. ينظر توضيح المقاصد (٢/ ١٩) وارتشاف الضرب (٢/ ٢٠٠)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١٣٤)، والتذكرة (٣٣٤، ٣٣٥).
(٤) أجاز بعض البصريين تقديم المفعول المحصور بإلا على الفاعل بشرط أمن اللبس كقولك: ما أفاد إلا المريض الدواء، ومثله بيت الشاهد والبيت الآتي رقم (٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>