رضي الله تعالى عنه- لما وفد عليه مع وفود الشعراء، وأولها هو قوله (١):
١ - كَم باليمامة من شَعثَاءَ أرمَلَةٍ … ومن يتيم ضعيفِ الصوت والنظرِ
٢ - ممنْ يَعدُّكَ تَكْفي فَقدَ وَالده … كالفَرخ في العُشِّ لم يَنْهضْ ولم يَطر
٣ - يدعُوكَ دعوةَ مَلْهُوفٍ كأَن به … خَبْلًا منَ الجِن أَو مسًّا منَ البَشَرِ
٤ - خليفةَ الله ماذا تأْمُرَنَّ بنَا … لَسنَا إليكم ولَا فيِ دارِ مُنْتَظر
٥ - ما زلْتُ بعدَك في همٍّ يُؤَرِّقُني … قد طال في الحَي إضعادِي ومُنْحَدِرِي
٦ - لَا يَنْفَعُ الحَاضرُ المجهُودَ بادينَا … ولا يَعُودُ لَنَا بَادٍ على حَضر
٧ - إِنا لنَرجُو إِذَا ما الغَيْثُ أَخْلَفَنَا … من الخلِيفَةِ مَا نرجُو منَ المَطَر
٨ - جاء الخلافة ........... … .......................... إلى آخره
٩ - كُلُّ الأَرَامِل قد قضيت حَاجَتها … فَمَنْ لحاجَة هذِا الأرملِ الذكر
فلما سمع عمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه تعالى عنه- هذا قال: يا جرير واللَّه ولِّيتُ هذا الأمر وما أملك إلا ثلاث مائة؛ فمائة أخذها عبد اللَّه، ومائة أخذتهما أم عبد اللَّه، يا غلام أعطه المائة الباقية، فقال: والله يا أمير المؤمنين: إنها لأحب مال كسبته ثم خرج، وهي من البسيط، المعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "جاء": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى عمر بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه- و"الخلافة " بالنصب مفعوله، ويروى:
أتى الخلافة ................ … ...................................
كما ذكرنا، قوله: "إذ": ظرف بمعنى حين، قوله: "كانت" أي: الخلافة، واسم كان الضمير الذي فيه، وخبره قوله: "قدرًا" أي: حين كانت له مقدرة، قوله: "كما أتى" الكاف للتشبيه، وما مصدرية، والجملة في محل النصب على أنها صفة لمصدر محذوف والتقدير: أتى الخلافة إتيانًا كإتيان موسى بن عمران -صلوات اللَّه عليه وسلامه- ربه ﷿.
وقوله: "أتى": مسند إلى موسى، و "ربه" بالنصب مفعول، وليس هو بإضمار قبل
(١) انظر ديوان جرير (٤١٢)، تحقيق د. نعمان طه، دار المعارف، إلا أن البيت المذكور في الشرح وما بعده ليس أول القصيدة، بل هو الثالث عشر منها، وبيت الشاهد قبل آخرها برواية: "نال الخلافة"، والأبيات في شرح شواهد المغني (١٩٧).