إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ولما أراد الكفار الغض من الأنبياء اعتبروا ذلك فقالوا: إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ وقال تعالى: أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ- ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا- أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا- فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا وعلى هذا قال تعالى: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ تنبيها أن الناس يتساوون فى البشرية وإنما يتفاضلون بما يختصون به من المعارف الجليلة والأعمال الجميلة ولذلك قال بعده يُوحى إِلَيَّ تنبيها أنى بذلك تميزت عنكم. وقال تعالى: لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ فخص لفظ البشر. وقوله تعالى:
فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
فعبارة عن الملائكة ونبه أنه تشبح لها وتراءى لها بصورة بشر. وقوله تعالى: ما هذا بَشَراً فإعظام له وإجلال وأنه أشرف وأكرم من أن يكون جوهره جوهر البشر. وبشرت الأديم أصبت بشرته نحو أنفت ورجلت، ومنه بشر الجراد الأرض إذا أكلته. والمباشرة الإفضاء بالبشرتين، وكنى بها عن الجماع فى قوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ وقال تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وفلان مؤدم مبشر أصله من قولهم أبشره اللَّه وآدمه، أي جعل له بشرة وأدمة محمودة ثم عبر بذلك عن الكامل الذي يجمع بين الفضيلتين: الظاهرة والباطنة، وقيل معناه جمع لين الأدمة وخشونة البشرة، وأبشرت الرجل وبشرته وبشرته أخبرته بسار بسط بشرة وجهه، وذلك أن النفس إذا سرت انتشر الدم فيها انتشار الماء فى الشجر وبين هذه الألفاظ فروق فإن بشرته عام وأبشرته نحو أحمدته وبشرته على التكثير. وأبشر يكون لازما ومتعديا، يقال بشرته فأبشر أي استبشر وأبشرته، وقرىء يبشرك ويبشرك ويبشرك، قال عزّ وجلّ: قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ واستبشر إذا وجد ما يبشره من الفرح، قال تعالى: