مكة فدفنه ابن الزبير ﵄، وقيل: إنه مات بمصر منصرفًا من إفريقية، وكان غزاها مع عبد الله بن الزبير، وقيل: إنه مات بأرض الروم في الغزاة ودُفن هناك، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ندبه إلى الجهاد، فلم يزل يجاهد حتى مات بأرض الروم، فدفنه ابنه عبيد اللَّه، وهو من قصيدة يائية، وأولها قوله:
١ - عَرَفْتُ الدِّيَارَ كَرَقْمِ الدُّوى … يَزْبُرُهُ الكَاتبُ الحِمْيَرِيُ
٢ - بِرَقْمٍ وَوَشْيم كَمَا زَخْرَفَتْ … بِمَيشَمِهَا المُزْدَهَاةُ الهَدِيُ
٣ - أَدانَ وَأَنْبَأَهُ الأوَّلونَ … بأن المُدَانَ مَلِيٌّ وَفِيُ
٤ - فَنَمْنَمَ فِي صُحُفٍ كالرِّيَا … ط فيهِنّ إرْثُ كِتَاب مَحِيُ
٥ - عَلَى أَطْرِقَا بَالِيَاتُ الخيا … م إلا الثمَامُ وإلا العِصِي
٦ - فلم يبقَ منها سِوى هَامدٍ … وسَفْع الحُدُودِ مَعًا والنؤيُ
٧ - وأشعَثَ في الدَّارِ ذِي لِمَّة … لَدَى إرْثِ حَوْضٍ نَفَاهُ الأَثِيُ
٨ - كَعُوذِ المُعَطَّفِ أحْزَى لها … بمصْدَرِةِ الماءِ رأمٌ رَذِيُ
٩ - فَهُنّ عُكُوفُ كنَوْحِ الكريـ … ـم قد لاح أكبادَهُن الهَويُ
١٠ - وأنسى نُشَيبَةَ والجاهلُ … المغمَّرُ يَحْسَبُ أني نَسِيُ
١١ - على حين أَنْ تَمَّ فيه الثلا … ثُ حَدٌّ وَجُوُد ولُبٌ رَخِيُ
١٢ - ومن خير ما عَمِلَ النِاشِئُ الـ … ـمُعَمَّمُ خِيرٌ وزنْدٌ وَرِيُ
١٣ - وصبرٌ على حَدَثِ النَّائِبَا … تِ وحلمٌ رَزِينٌ وقَلْبٌ ذَكِيُ
١٤ - يَسُرُّ الصديقَ وَيُبِكي العدوّ … ومردى حروب رضي نديُ
وهي من المتقارب وأصله في الدائرة "فعولن" ثمان مرات؛ وفيه الثلم بالثاء المثلثة؛ وهو أن تخرم سالمًا، والخرْم: أن تسقط أول الوتد المجموع في أول البيت، والسالم: الجزء الذي لا زحاف فيه فيصير: عولن فيرد إلى فعلن.
وهذه القصيدة تروى مطلقة مرفوعة، وتروى مقيدة ساكنة، فمن أطلقها كانت من الضرب الأول ووزنه فعولن، ومن قيدها كانت من الضرب الثاني وهو المحذوف.
١ - قوله: "كرقم الدوى" الرقم: الكتابة، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٢٠] والدُّوى بضم الدال؛ جمع دوى، وهو جمع دواة، وهو ما يكتب منها. وذكر صاحب الاقتضاب (١) أن
(١) ابن السيد البطليوسي: هو عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، عالم قرطبة، وصاحب المصنفات الكثيرة، =