للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - فإنْ تَطْرُقِي بَابَ الإمَامِ فإنني … لكل كريم ماجِدٍ لَطَرُوقُ

وهي من الطويل.

ومن قصته: كان قد هجا عباد بن زياد بن أبي سفيان، وهو زياد بن أبيه، وملأ البلاد من هجوه، وكتبه على الحيطان، فلما ظفر به ألزمه محوه بأظفاره، ففسدت أنامله، ثم أطال سجنه فكلموا فيه معاوية، فوجه بريدًا يقال له حمحام، فأخرجه وقدمت له فرس من خيل البريد فنفرت، فقال:

عدس ما لعباد عليك إمارة … ...........................

ويقال: كان يزيد بن مفرغ المذكور قد صحب عبادًا المذكور والي سجستان، حين ولاه معاوية -رضي اللَّه تعالى عنه- إياها، وكره عبيد اللَّه أخو عباد استصحابه ليزيد بن مفرغ خوفًا من هجائه، فقال لابن مفرغ: أنا أخاف أن يشتغل عنك عباد فتهجونا، فأحب أن لا تعجل إلى عباد حتى يكتب إليَّ، وكان عباد طويل اللحية عريضها فركب ذات يوم، وابن مفرغ في موكبه، فهبت الريح فنفشت لحيته، فقال ابن مفرغ (١):

ألا ليت اللِّحا كَانَتْ حَشِيشًا … فَنَعْلِفَها دَوابَّ المسلمينا

وهجاه بأنواع الهجاء، فأخذه عبيد الله بن زياد فقيده، وكان يجلده كل يوم ويعذبه بأنواع العذاب، وكان يسقيه الدواء المسهل، ويحمله على بعير ويقرن به خنزيرة، فإذا أمشاه المسهل وسال على الخنزيرة صَاءَتْ (٢) وآذته، فلما زاد عليه البلاء كتب إلى معاوية بأبيات يذكره ما حل به ويستعطفه فيها، وكان عبيد الله أرسل به إلى عباد بسجستان والقصيدة التي [كان] (٣) هجاه بها، ثم إن معاوية بعث إلى مولى له يقال له خشنام على البريد، فقال له: انطلق حتى تقدم على ابن مفرغ بسجستان فَأطْلِقْهُ، ولا تستأمرن عبادًا، فامتثل أمرَه، وأتى إلى سجستان، فسأل عن ابن مفرغ فأخبروه بمكانه، فوجده مقيدًا فأحضر قَينًا ففك قيده وأدخله الحمام وألبسه ثيابًا فاخرة وأركبه بغلة فلما ركبه قال:

عدس ما لعباد عليك إمارة … ............................

إلى آخر القصيدة، فلما قدم على معاوية [رضي الله تعالى عنه] (٤) قال يا أمير المؤمنين:


(١) انظر البيت في ديوان مفرغ (٢٢٥)، وقد جاء في الخزانة (٦/ ٤٥)، برواية أخرى وهي:
ألا ليت اللحى كانت حشيشا … فترعاها خيول المسلمينا
(٢) اللسان، مادة: "صأصأ"، والمعنى: فزعت فزغًا شديدًا.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٤) ما بين المعقوفين سقط في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>