للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن بري: وسبب هذا الشعر أنَّه كان لمالك بن العجلان مولى يقال له بجير، جلس مع نفر من الأوس من بني عمرو بن عوف فتفاخروا فذكر بجيرٌ مالكَ بن العجلان ففضله على قومه، وكان سيد الحيين في زمانه، فغضب جماعة من كلام بجير وعدا عليه رجل من الأوس يقال له: سمير بن زيد بن مالك أحد بني عمرو بن عوف فقتله، فبعث بذلك إلى (١) بني عمرو بن عوف أن ابعثوا إليّ بسمير حتَّى أقتله بمولاي، وإلا جر ذلك الحرب بيننا فبعثوا إليه: إنَّا نعطيك الرضا فخذ منا عقله، فقال: لا آخذ إلَّا دية الصريح، وكانت دية الصريح ضعف دية المولى وهي عشرة من الإبل، ودية الولى خمس، فقالوا: إن هذا منك استذلال لنا وبغي علينا، فأبى مالك إلَّا أخذ دية الصريح، فوقعت بينهم الحرب إلى أن اتفقوا على الرضا بما يحكم به عمرو بن امرئ القيس، فحكم بأن يعطى دية الولى، فأبى مالك ونشبت الحرب بينهم مدة على ذلك فأنشد عمرو بن امرئ القيس هذه الأبيات.

١ - فقوله: "بني جَحْجَبى" -بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم والباء الموحدة، وبنو جحجبى من الْأَنصار، وهو جحجبى بن كلفة بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، قوله: "خَطْمة" -بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء، وهو من الْأَنصار -أَيضًا-، وخطمة هو عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس، قيل له خطمة؛ لأنه ضرب رجلًا بسيفه على خطمه فسمي خطمة، قوله: "أُنُف" بضم الهمزة والنون يقال: روضة أنف: لم يرعها أحد، وكأس أنف: لم يشرب بها أحد قبل ذلك.

٢ - قوله: "دون ما يسومهم الأعداء" أي: ما يطلبهم الأعداء، "من ضيم" أي: من ظلم خطة، أي: أمر وشأن، قوله: "نُكُف" -بضم النُّون والكاف؛ وهو جمع ناكف كتاجر وتجر، ويقال: نكفت من كذا، أو نكفت -أَيضًا- أي: استنكفت وأنفت منه، وارتفاعه على أنَّه خبر إن.

٣ - قوله: "الحافظو عورة العشيرة" أصله: الحافظون، سقطت النُّون للإضافة، والعورة: مجرورة بالإضافة، وقد روي العورة بالنصب؛ فيكون حذف النُّون للتخفيف لا للإضافة، وهكذا استشهد به سيبويه (٢)، وقال أبو علي: والأكثر الجر، والعورة: ما لم يحم (٣)، وقال ثعلب: كل


(١) في (أ): فبعث مالك إلى.
(٢) قال سيبويه بعد أن ذكر البيت: "
الحافظو عورة العشيرة لا … ......................
لم يحذف النُّون للإضافة ولا ليعاقب الاسم النُّون، ولكن حذفوها كما حذفوها من اللذين والذين حيث طال الكلام وكان الاسم الأول منتهاه الاسم الآخر". الكتاب لسيبويه (١/ ١٨٦).
(٣) ينظر المسائل البصريات (٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>