لقد نقل البغدادي عن العيني في كتابه المقاصد نقولًا كثيرة، فما من بيت اشترك في شرحه الإمامان البغدادي والعيني، إلَّا وقد وجدت الإمام عبد القادر البغدادي يشير إلى العيني وكتابه المقاصد النحوية، لقد بلغت أبيات الخزانة تسعمائة وسبعة وخمسين ييتًا، وقد جاء أكثرها في كتاب المقاصد الذي بلغت شواهده ألف عن ومائتين وثمانين؛ أي أنها تزيد على شواهد الخزانة بأكثر من ثلاثمائة بيت.
لقد كنا ونحن نحقق كتاب المقاصد نضع أمامنا كتاب الخزانة دائمًا، وبخاصة إذا اشترك الإمامان في شرح بيت، كُنَّا نرجع إلى كتاب الخزانة في تصحيح نص أو توثيق بيت الشعر، أو قراءة صحيحة للنص، أو غير ذلك ممَّا يتطلبه التحقيق.
ولقد تتبعنا الفهرس الذي صنعه الأستاذ عبد السَّلام هارون لكتاب الخزانة، فوجدنا الإمام عبد القادر البغدادي قد نقل من كتاب المقاصد ثلانمائة وعشرين نقلًا، وكان في بعض النقول يسميه باسمه، وهو كتاب المقاصد النحوية، أو يسميه باسم صاحبه فيقول:"وقال شارح شواهد الألفية".
وكان الإمام عبد القادر ينقل من العيني مادحًا أو قادحًا أو ساكتًا، إلَّا أنَّه في أكثر النقول كان يغلب عليه القدح، ولا عجب في ذلك، فالإمام عبد القادر من شراح الشواهد العظماء، فإذا وجد من قصر في ذلك نبه عليه، وقد فعل ذلك مع العيني وغيره.
كانت نقول الإمام عبد القادر من العيني كثيرة مختلفة، شأنه شأن اطلاعاته الواسعة، فهنا تفسير لكلمة، وذاك إعراب لها، وهذا بيان لمعنى البيت، وذاك سرد لحادثة تاريخية، وهذا تنبيه على خطأ وقع فيه العيني في تفسير مفردة، وهذا تصحيح لإعراب أعربه العيني على غير وجهه، وهكذا، وسيرى ذلك القارئ في تحقيقنا لكتاب المقاصد؛ حيث كُنَّا نشير إلى تعليق الإمام عبد القادر البغدادي، وكلامه للذي وصمناه بالمدح، أو القدح، أو السكوت.
ولم يظهر أثر كتاب المقاصد في كتاب الخزانة وحده للإمام عبد القادر، وإنَّما امتد أثره أيضًا إلى كتابه الآخر في شرح الشواهد، وهو شرح أبيات مغنى اللبيب لابن هشام، حيث وجدت عدة نقول في هذا الكتاب من المقاصد بلغت أكثر من مائة نقل.
ثانيًا: كتاب شرح شواهد المغني للسيوطي: وكما اعتمد البغدادي على كتاب المقاصد وجعله، مرجعًا في تأليفه وكتبه، فعل ذلك السيوطي في كتابه الذي شرح به شواهد مغني اللبيب، فلقد اعتمد السيوطي على كتاب المقاصد اعتمادًا يفوق صاحب الخزانة، حيث نقل السيوطي من