للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتربع: من الربيع بمنزلة تصيف من الصيف، أي: نزلوا عنيزتين في الربيع وهي موضع، و"أهلنا نزلوا بالعيلم"، وهي -أيضًا- موضع، وهو -أيضًا- البئر الغزيرة الماء، و"العنيزتان" بضم العين المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفتح الزاي المعجمة، والعيلم بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح اللام.

٨ - قوله: "أزمعت" أي: أجمعت، أراد أنهم فاجأوه بالرحيل ولم يعلم به قبل ذلك، فذلك أشد عليه وأبعث لجزعه.

الإعراب:

قوله: "ولقد" الواو للقسم واللام للتأكيد وقد للتحقيق، وجواب القسم قوله: "فلا تظني غيره"، و"نزلت": جملة من الفعل والفاعل وهو بكسر التاء خطاب للمؤنث، قوله: "مني" يتعلق به، والباء في: "بمنزلة" بمعنى في؛ أي: نزلت مني في منزلة الشيء المحبوب المكرم (١).

قوله: "فلا تظني": نهي معترض بين الجار والمجرور وبين متعلقه، وقوله: "غيره": مفعول أول لتظني، ومفعوله الثاني محذوف تقديره: فلا تظني غيره واقعًا؛ أي: غير ما ذكر من نزولك مني في منزلة المحب المكرم، وفيه الاستشهاد؛ حيث حذف المفعول [الثاني] (٢) لقوله: "فلا تظني"، وهذا الحذف للاختصار دون الاقتصار، وهو جائز عند الجمهور خلافًا (٣) لابن ملكون (٤).


(١) قال الإمام عبد القادر البغدادى معلقًا على هذا الكلام: "الواو في ولقد عاطفة، وجملة: لقد نزلت … إلخ جواب قسم محذوف، أي: ووالله لقد نزلت؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾ … قال: لقد خبط هنا خبطًا فاحشًا شارح شواهد الألفية في قوله: الواو للقسم، وجواب القسم قوله: فلا تظني غيره، ثم قال: قوله فلا تظني: نهي معترض بين الجار والمجرور ومتعلقه، والباء في بمنزلة بمعنى في، أي: نزلت مني في منزلة الشيء المحبوب المكرم، هذا كلامه، ولا يقع فيع أصاغر الطلبة"، خزانة الأدب (٣/ ٢٢٨).
(٢) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٣) إبراهيم بن محمد بن مويه أبو ربيعة الأصبهاني النحوي، ولم يذكر السيوطي عام وفاته، بغية الوعاة (٢/ ٣٠٠).
(٤) ينظر الشاهد السابق (٣٥٣)، واعلم أن هناك خلافًا حول حذف أحد مفعولي "ظن وأخواتها" اختصارًا؛ فالمنع مذهب ابن ملكون والجواز مذهب الجمهور، وقد رد الجمهور منصب ابن ملكون قياسًا على جواز حذف خبر "كان" وورود الحذف شعرًا ونثرًا وفي الفصيح من كتاب الله تعالى، قال الأشموني: "وأما حذفهما لدليل ويسمى اختصارًا فجائز إجماعًا نحو: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ وقوله:
بِأي كِتَابٍ أم بِأيةِ سُنَّةٍ … ترَى حبَّهُم عارًا عليَّ وتحسبُ؟
وفي حذف أحدهما اختصارًا خلاف. فمنعه ابن ملكون وأجازه الجمهور، من ذلك والمحذوف الأول: قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٠].- في قراءة: (يحسبن) بالياء آخر الحروف، أي: ولا يحسبن الذين يبخلون ما يبخلون به هو خيرًا، ومنه والمحذوف الثاني قوله:
ولقد نَزَلْتِ فَلَا تَظُنِّي غيرَهُ … مني بِمَنزِلَةِ المُحَب المُكْرَمِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>