للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو عبيدة: الذئب عاسل والرمح عسّال (١).

الإعراب:

قوله: "لدن" مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو لدن، قوله: "بهز الكف" مصدر مضاف إلى فاعله ومفعوله محذوف تقديره: هز الكف إياه، يعني الرمح، والباء تتعلق بقوله يعسل، وأراد بالمتن جمهور الرمح، ويقال: التقدير في قوله: "بهز الكف" عند هز الكف".

وقال ابن يسعون: الأحسن عندي أن يكون ظرفًا ليعسل متنه فيه، أي يعسل متنه فيه عند هزه.

فإن قيل: إن فيه ظرف قد عمل فيه يعسل فكيف يعمل في ظرف آخر؟

فالجواب: أنهما ظرفان مختلفان؛ لأن فيه في تقدير ظرف مكان، وبهز في تقدير ظرف زمان؛ ألا ترى أن المعنى وقت هزه، قوله: "فيه" أي في هزه، قوله: "كما عسل" الكاف للتشبيه، و "ما" مصدرية أي كعسلان الثعلب في الطريق، والثعلب فاعل عسل، والطريق منصوب بتقدير في؛ أي: في الطريق.

والاستشهاد فيه:

حيث حذف حرف الجر منه ونصب مجروره توسعًا في الفعل وإجراؤه مجرى المتعدي، ولكن هذا نوعان مقصور على السماع ومطرد في القياس؛ والأول أيضًا نوعان: نوع وارد في السعة نحو: شكرت له وشكرته، ونوع مخصوص بالضرورة؛ كما في البيت المذكور؛ لأنه لما لم يستقم الوزن بحرف الجر حذف ونصب ما بعده بالفعل، ولا يقال: الطريق ظرف مكان لا منصوب على التوسع؛ لأنه اسم خاص للموضع المستطرق، وإنما ينتصب على ظرفية المكان ما كان مبهمًا ونحوه في التوسع، قولهم: ذهبت الشام؛ إلا أن الطريق أقرب إلى الإبهام من الشام؛ لأن الطريق تكون في كل موضع يسار فيه، وليس الشام كذلك (٢).


(١) الصحاح مادة: "عسل"، واللسان مادة: "عسل".
(٢) ينصب المفعول به بعد حذف حرف الجر المعدى به الفعل وهذا النصب مع الحذف لا يكون قياسيًا إلا مع (أنْ) و (أنّ) كما ذهب إليه كل من سيبويه والمبرد وغيرهما من النحاة. يقول سيبويه: "هذا باب آخر من أبواب (أن) تقول: جئتك أنك تريد المعروف. إنما أراد لأنك تريد المعروف، ولكنك حذفت اللام هاهنا كما تحذف من المصدر إذا قلت:
وَأُغْفِرُ عوراء الكريمِ ادخارَهُ … وَأُعْرِضُ عن ذنبِ اللئيمِ تكَرُّمًا
أي: لادخاره، وسألت الخليل عن قوله: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ [المؤمنون: ٥٢] فقال إنما هو على حذف اللام؛ كأنه قال: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون … وتقول: لبيك إن الحمد والنعمة لك، وإن شئت قلت (أن). ولو قال إنسان إن (أن) في موضع جر في هذه الأشياء ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم فجاز فيه حذف الجار، كما حذفوا (رب) في قولهم: =

<<  <  ج: ص:  >  >>