للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلا لا يكون بعدها "ما" إلا صلة، وهي معها مصدر؛ كأنك قلت: جاءني القوم خُلُوَّ زيدٍ (١)، أي خلوهم من زيد، يعني خالين من زيد (٢)، وعن قريب يأتي مزيد الكلام فيه -إن شاء الله تعالى- (٣).

وقوله: "ما خلا الله باطل" من هذا القبيل، لا يجوز فيه إلا النصب، وذلك لأن "ما" فيه مصدرية فدخولها يعين الفعلية (٤)، ولفظة "الله" اسم للذات المعبود بالحق المستجمع لجميع الصفات، وقد شاع كلام الناس فيه (٥)، هل هو مشتق أم اسم موضوع؛ فلا يحتاج إلى ذكره (٦).

قوله: "باطل": من بطل الشيء يبطل بطلانًا وبطولًا وبُطْلًا، ومعناه: ذهب ضياعًا وخسرانًا، وزاد ابن القطاع (٧) بطولة، وأبطل إذا جاء بالباطل، والأباطيل: جمع باطل على خلاف القياس، كأنه جمع إبطيل (٨)، والباطل ضد الحق، وفي عرف المتكلمين الباطل: الخارج عن الانتفاع، والفاسد: يقرب منه، والصحيح ضده ومقابله، وفي عرف الشرع: الباطل من الأعيان: ما فات معناه المقصود، المخلوق له من كل وجه بحيث لم يبق (٩) إلا صورته، ولهذا يذكر في مقابلة الباطل الحق الذي هو عبارة عن الكائن الثابت، وفي الشرع يراد به ما (١٠) هو المفهوم منه لغة، وهو: ما كان ثابت المعنى من كل وجه مع وجود الصورة، إما لانعدام محلية التصرف؛ كبيع الميتة والدم، أو لانعدام أهلية المتصرف؛ كبيع المجنون والصبي الذي لا يعقل.

فإن قلتَ: ما معناه ها هنا؟.


(١) في (ب): خلوًّا زيدًا.
(٢) قال ابن مالك: "واتفق النحويون، إلا أبا عمرو الجرمي على وجوب نصب المستثنى بما عدا وما خلا كقول لبيد "البيت"؛ لأن ما مصدرية ولا يليها حرف جر، وإنما توصل بجملة فعلية، وقد توصل بجملة من مبتدأ وخبر .... " شرح التسهيل (٢/ ٣١٠).
(٣) ينظر إعراب الشاهد الآتي بعد صفحات.
(٤) ارتشاف الضرب، تحقيق: النماس (٢/ ٣١٨)، ومغني اللبيب، تحقيق: محمد محيي الدين (١/ ١٣٤).
(٥) نظرات بلاغية في أذكار الصلاة الفرضية، د / رفعت السوداني.
(٦) اختار الزمخشري كونه اسمًا مشتقًّا، ينظر الكشاف (١/ ٦) ط. دار الريان، الثالثة (١٩٨٧ م)، وروح المعاني للآلوسي (١/ ٥٤)، وما بعدها، دار إحياء التراث العربي بيروت، وانظر بيانًا مفصلًا عن لفظ الجلالة في شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٧٧) وما بعدها.
(٧) هو علي بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن الحسين المعروف بابن القطاع، صنَّف: أبنية الأفعال وأبنية الأسماء وغيرهما (ت ٥١٥ هـ)، بغية الوعاة (٢/ ١٥٣، ١٥٤).
(٨) اللسان مادة: "بطل" وإنما كان على خلاف القياس؛ لأن جمع فاعل يكون على فواعل فجمع الباطل القياس هو: بواطل.
(٩) في (ب): تَبْق.
(١٠) في (ب): كما.

<<  <  ج: ص:  >  >>