للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخبارهم

(وأول رواتها) أصحاب رسول الله ولم يضبطوا ولا حفظوا في عصرهم كما فعل بمن بعدهم من علماء التابعين وغيرهم إلى زماننا هذا لأنهم كانوا مقبلين على نصرة الدين وجهاد الكافرين إذ كان المهم الأعظم فإن الإسلام كان ضعيفا وأهله قليلون فكان أحدهم يشغله جهاده ومجاهدة نفسه في عباداته عن النظر في معيشته والتفرغ لمهم ولم يكن فيهم أيضا من يعرف الخط إلا النفر اليسير ولو حفظوا ذلك الزمان لكانوا أضعاف من ذكره العلماء ولهذا اختلف العلماء في كثير منهم

(فمنهم) من جعله بعض العلماء من الصحابة ومنهم من لم يجعله فيهم ومعرفتهم ومعرفة أمورهم وأحوالهم وأنسابهم وسيرتهم مهم في الدين ولا خفاء على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن من تبوأ الدار والإيمان من المهاجرين والأنصار والسابقين إلى الإسلام والتابعين لهم بإحسان الذين شهدوا الرسول وسمعوا كلامه وشاهدوا أحواله ونقلوا ذلك إلى من بعدهم من الرجال والنساء من الأحرار والعبيد والإماء أولى بالضبط والحفظ وهم الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون بتزكية الله لهم وثنائه عليهم ولأن السنن التي عليها مدار تفصيل الأحكام ومعرفة الحلال والحرام إلى غير ذلك من أمور الدين إنما ثبتت بعد معرفة رجال أسانيدها ورواتها وأولهم والمقدم عليهم أصحاب رسول الله فإذا جهلهم الإنسان كان بغيرهم أشد جهلا وأعظم إنكارا فينبغي أن يعرفوا بأنسابهم وأحوالهم هم وغيرهم من الرواة حتى يصح العمل بما رواه الثقات منهم وتقوم به الحجة فإن المجهول لا تصح روايته ولا ينبغي العمل بما رواه والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح والتعديل فإنهم كلهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح لأن الله ﷿ ورسوله زكياهم وعدلاهم وذلك مشهور لا نحتاج لذكره ويجئ كثير منه في كتابنا هذا فلا نطول به ههنا

(وقد جمع الناس) في أسمائهم كتبا كثيرة ومنهم من ذكر كثيرا من أسمائهم في كتب الأنساب والمغازي وغير ذلك واختلفت مقاصدهم فيها إلا أن الذي انتهى إليه جمع أسمائهم الحافظان أبو عبد الله بن منده وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهانيان والإمام أبو عمر بن عبد البر القرطبي وأجزل ثوابهم وحمد سعيهم وعظم أجرهم وأكرم مآبهم فلقد أحسنوا فيما جمعوا وبذلوا جهدهم وأبقوا بعدهم ذكرا جميلا فالله

<<  <  ج: ص:  >  >>