(فلما نظرت) فيها رأيت كلا منهم قد سلك في جمعه طريقا غير طريق الآخر وقد ذكر بعضهم أسماء لم يذكرها صاحبه وقد أتى بعدهم الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني فاستدرك على ابن منده ما فاته في كتابه فجاء تصنيفه كبيرا نحو ثلثي كتاب ابن منده فرأيت أن أجمع بين هذه الكتب وأضيف إليها ما شذ عنها مما استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر بن عبد البر وكذلك أيضا ما استدركه عليه آخرون وغير من ذكرنا فلا نطول بتعداد أسمائهم ههنا ورأيت ابن منده وأبا نعيم وأبا موسى عندهم أسماء ليست عند ابن عبد البر وعند ابن عبد البر أسماء ليست عندهم
(فعزمت) أن أجمع بين كتبهم الأربعة وكانت العوائق تمنع والأعذار تصد عنه وكنت حينئذ ببلدي وفي وطني وعندي كتبي وما أراجعه من أصول سماعاتي وما أنقل منه فلم يتيسر ذلك لصداع الدنيا وشواغلها فاتفق أني سافرت إلى البلاد الشامية عازما على زيارة البيت المقدس جعله الله ﷾ دارا للإسلام أبدا فلما دخلتها اجتمع بي جماعة من أعيان المحدثين وممن يعتني بالحفظ والإتقان فكان فيما قالوه إننا نرى كثيرا من العلماء الذين جمعوا أسماء الصحابة يختلفون في النسب والصحبة والمشاهد التي شهدها الصاحب إلى غير ذلك من أحوال الشخص ولا نعرف الحق فيه وحثوا عزمي على جمع كتاب لهم في أسماء الصحابة ﵃ أستقصي فيه ما وصل إلي من أسمائهم وأبين فيه الحق فيما اختلفوا فيه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم مع الإتيان بما ذكروه واستدراك ما فاتهم فاعتذرت إليهم بتعذر وصولي إلى كتبي وأصولي وأنني بعيد الدار عنها ولا أرى النقل إلا منها فألحوا في الطلب فثار العزم الأول وتجدد عندي ما كنت أحدث به نفسي وشرعت في جمعه والمبادرة إليه وسألت الله تعالى أن يوفقني إلى الصواب في القول والعمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم بمنه وكرمه واتفق أن جماعة كانوا قد سمعوا علي أشياء بالموصل وساروا إلى الشام فنقلت منها أحاديث مسندة وغير ذلك ثم إنني عدت إلى الوطن بعد الفراغ منه وأردت أن أكثر الأسانيد وأخرج الأحاديث التي فيه بأسانيدها فرأيت ذلك متعبا أحتاج أن أنقض كل ما جمعت فحملني الكسل وحب الدعة والميل إلى الراحة إلى أن نقلت ما تدعو الضرورة إليه مما لا يخل بترتيب ولا يكثر إلى حد الإضجار والإملال