نشأ له عبد الله وامتنع من بيعة يزيد بن معاوية بعد موت أبيه معاوية فأرسل إليه يزيد مسلم بن عقبة المري فحصر المدينة وأوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة ثم سار إلى مكة ليقاتل ابن الزبير فمات في الطريق فاستخلف الحصين بن نمير السكوني على الجيش فسار الحصين وحصر ابن الزبير بمكة لأربع بقين من المحرم سنة أربع وستين فأقام عليه محاصرا وفي هذا الحصر احترقت الكعبة واحترق فيها قرنا الكبش الذي فدي به إسماعيل بن إبراهيم الخليل صلى الله عليهما ودام الحصر إلى أن مات يزيد منتصف ربيع الأول من السنة فدعاه الحصين ليبايعه ويخرج معه إلى الشام ويهدر الدماء التي بينهما ممن قتل بمكة والمدينة في وقعة الحرة فلم يجبه ابن الزبير وقال لا أهدر الدماء فقال الحصين قبح الله من يعدك داهيا أو أريبا أدعوك إلى الخلافة وتدعونني إلى القتل وبويع عبد الله بن الزبير بالخلافة بعد موت يزيد وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان وجدد عمارة الكعبة وأدخل فيها الحجر فلما قتل ابن الزبير أمر عبد الملك بن مروان أن تعاد عمارة الكعبة إلى ما كانت أولا ويخرج الحجر منها ففعل ذلك فهي هذه العمارة الباقية وبقي ابن الزبير خليفة إلى أن ولي عبد الملك بن مروان بعد أبيه فلما استقام له الشام ومصر جهز العساكر فسار إلى العراق فقتل مصعب بن الزبير وسير الحجاج بن يوسف إلى الحجاز فحصر عبد الله بن الزبير بمكة أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وحج بالناس الحجاج ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ونصب منجنيقا على جبل أبي قبيس فكان يرمي الحجارة إلى المسجد ولم يزل يحاصره إلى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة من سنة ثلاث وسبعين قال عروة بن الزبير لما اشتد الحصر على عبد الله قبل قتله بعشرة أيام دخل على أمه أسماء وهي شاكية فقال لها إن في الموت لراحة فقالت له لعلك تمنيته لي ما أحب أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك إما قتلت فأحتسبك وإما ظفرت بعدوك فتقر عيني فضحك فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها فقالت له يا بني لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل فوالله لضربة بسيف في عز خير من ضربة بسوط في ذل وخرج على الناس وقاتلهم في المسجد وكان لا يحمل على ناحية إلا هزم من فيها من جند الشام فأتاه حجر من ناحية الصفا فوقع بين عينيه فنكس رأسه وهو يقول
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على اقدامنا يقطر الدم