مكة فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة فتجهز للمسير فنهاه جماعة منهم أخوه محمد ابن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم فقال رأيت رسول الله ﷺ في المنام وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر فلما أتى العراق كان يزيد قد استعمل عبيد الله ابن زياد على الكوفة فجهز الجيوش إليه واستعمل عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ووعده إمارة الري فسار أميرا على الجيش وقاتلوا حسينا بعد أن طلبوا منه أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد فامتنع وقاتل حتى قتل هو وتسعة عشر من أهل بيته قتله سنان بن أنس النخعي وقيل قتله شمر بن ذي الجوشن وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي وقيل قتله عمر بن سعد وليس بشئ والصحيح أنه قتله سنان بن أنس النخعي وأما قول من قال قتله شمر وعمر بن سعد لان شمرا هو الذي حرض الناس على قتله وحمل بهم إليه وكان عمر أمير الجيش فنسب القتل إليه ولما أجهز عليه خولي حمل رأسه إلى ابن زياد وقال
أوقر ركابي فضة وذهبا … فقد قتلت السيد المحجبا
قتلت خير الناس أما وأبا … وخيرهم إذ ينسبون نسبا
وقيل إن سنان بن أنس لما قتله قال له الناس قتلت الحسين بن علي وهو ابن فاطمة بنت رسول الله ﷺ ورضي عنها أعظم العرب خطرا أراد أن يزيل ملك هؤلاء فلو أعطوك بيوت أموالهم لكان قليلا فأقبل على فرسه وكان شجاعا به لوثة فوقف على باب فسطاط عمر بن سعد وأنشده الأبيات المذكورة فقال عمر أشهد أنك مجنون وحذفه بقضيب وقال أتتكلم بهذا الكلام والله لو سمعه ابن زياد لقتلك ولما قتل الحسين أمر عمر بن سعد نفرا فركبوا خيولهم وأوطؤها الحسين وكان عدة من قتل معه اثنين وسبعين رجلا ولما قتل أرسل عمر رأسه ورؤس أصحابه إلى ابن زياد فجمع الناس وأحضر الرؤس وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين فلما رآه زيد بن أرقم لا يرفع قضيبه قال له أعل بهذا القضيب فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله ﷺ على هاتين الشفتين يقبلهما ثم بكى فقال له ابن زياد أبكى الله عينيك فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك فخرج وهو يقول أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم الحسين بن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم وأكثر الناس مراثيه فما قيل فيه ما قاله سليمان بن قبة الخزاعي