للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الّذي خَرَّجَهُ التّرمذيّ (١) ومسلم (٢) أيضًا؛ أنّه قال: "مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلاَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ".

والَّذي أوقَعَ أبا حنيفة في هذا أنّه رأى أصل الصّلوات ثبت من طريق التّواتر بالقرآن، والجمع من طريق الآحاد، فكيف ينسخ الآحادُ التَّوَاتُرَ؟ وهذا ضعيفٌ؛ لأنّه يقال له: كما ثبتت أوقاتُها كذلك ثبتت أعدادُها تواترًا، وأحاديثُ الجَمْعِ نقلته الكافَّة عن الكافّة، وثبتَ من كلِّ طريقِ وعلى لسان كلِّ فريقٍ، والجمعُ بين الصّلاتين نسخ للقرآن (٣) بالسُّنَّة؛ لأنَ القرآن جعلَ لها أوقاتًا معلومةً مخصوصةً بها، والسُّنَّة بَيَّنَتْهَا.

الفقه في ثمان مسائل:

المسألة الأولى (٤):

الأعذار الّتي تبيحُ الجمعَ أربعةٌ: سَفَرٌ وَمَطَرٌ، ومَرَضٌ وخَوْفٌ. والجمعُ إنّما يكون بين صلاتين بينهما اشتراك في الوقت (٥)، وأمّا كلّ صلاتين لا اشتراكَ بينهما فلا جمعَ.

المسألة الثّانية (٦):

وللجمع حالتان: حالةُ سفَرٍ، وحالةُ إقامةٍ.

وللإقامة حالتان: حالةُ مطَرٍ، وحالةُ مرضٍ.

فأمّا جمع المسافر: فمن رَحَل قبل زوالِ الشَّمسِ من منزله، أو قبل أنّ تغرب الشّمس، أخَّر الأولى إلى وقتِ الثّانية. ومَنْ رحلَ بعد زوال الشَّمس وبعد غروبها، قدَّم الثّانية إلى الأُولى.


(١) في جامعه الكبير (١٨٨).
(٢) لم نجد في المطبوع من صحيح مسلم، ولعلّه سبق قلم من المؤلِّف، فالمعروف أنّ الحديث أخرجه
الدراقطني: ١/ ٣٩٥، والحاكم: ١/ ٢٧٥، والبيهقي: ٣/ ١٦٩ وغيرهم.
(٣) جـ، غ: " القرآن".
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٥٢ بتصرّف.
(٥) وهما الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.
(٦) انظرها في القبس: ١/ ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>