للمؤلِّف نَصُّ في كتابه "عارضة الأحوذي" في غاية الأهمية؛ لأنّه يضع الضوابط المنهجية الدقيقة الَّتي ينبغي أن يراعيها من يتصدَّى للكتابة والتصنيف، فالمؤلِّف في نَظَر صاحبنا يجب أن يتوَخَّى إحدى الغايتن: إمّا أن يخترع معنى من المعاني، بمعنى أنه يأتي بشيء جديد مُبْدِعٍ، وبذلك يُسهِم في مسيرة العِلْم الصّحيحة، وهي الابتكار والتجديد، طبقا لقوانين الحياة المتجدِّدة. وإمّا -وهو أضعف الإيمان- أن يبتدع وصفًا ومتنًا، وهذا الجانب أيضًا له أهميّته، فكما يظهر التّجديد في جانب الاخترل والابتكار -وهو الجانب الموضوي - يظهر أيضًا في جانب ابتداع الوصف واعادة الصِّياغة، وهو الجانب الشكليّ. وكلّ تأليفٍ لا يستهدف إحدى هاتين الغايتين، فهو لا يستحقّ أن يُطلَق عليه لقب التأليف العلمي الصحيح، وكلّ ما يُمكن أن يقال في شأنه، أنه عبارة عن عملية تسويد الوَرَق بالمداد، وسرقة وسطو على أعمال من سَبَق؛ ذلك لأنّ التأليف الَّذي لا يستهدف إحدى الغايتين المذكورتين، يكون عبارة عن اجترار وإعادة لما قيل، وأية فائدة ترجى من إعادة تدوين ما دُوِّنَ؛ (١).
(١) أبو بكر بن العربيّ المعافري أصوليا، لعبد الرحمن الزخنيني: ١/ ١٦٨