للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب القول في الدِّماء والقَسَامَةِ

مقدِّمة (١)

قال الإمام: الدِّماءُ خطيرةُ القَدرِ في الدَّين، عظيمةُ المرتبةِ عند ربِّ العالَمِينَ، وهي وإن كانت محرَّمةً بالحُكم والأمرِ، فإنَّها مُرَاقَةٌ بالقضاءِ والحِكمَةِ، وهو الّذي ضَجَّت منه الملائكةُ ورَفعَت قولَها إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فقالت: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} (٢).

ومن مراتِبِها وعَظيمِ خَطَرِها، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} الآية (٣)، فأجابَ الله تعالى الملائكةَ بقوله: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٤).

ثمّ عَلَّمَنَا الله تعالى معنى ذلك وحِكمَتَه، وهي ما بينّاه في "الأسماء" (٥)، وذلك أنّ الله سبحانه له الصِّفاتُ العُلَى والأسماءُ الحُسنَى، وكلُّ أسمائه وصفاتِه لها مُتعَلِّق لابدّ أنّ يكون ثابتًا على حُكم المُتَعلّقِ، ومنْها عامّةُ التَّعلقِ، ومنها خاصَّة، فلمّا كان من صفاتهِ الرّحمةُ، أخذَت جزءًا من الخَلْق، فكان لهم العَفْوُ والعافيةُ في الدّنيا والآخرةِ.


(١) انظرها في القبس: ٣/ ٩٧٧ - ٩٧٨. وقد نقلها العثماني في الممهّد: الورقة ٤٣٨ وانظر الورقة ٤٥١، والعارضة: ٦/ ١٣٦.
(٢) البقرة: ٣٠.
(٣) الفرقان: ٦٨.
(٤) البقرة: ٣٠.
(٥) أي كتاب الأمد الأقصى كما صرح بذلك في القبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>