للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب صيام اليوم الّذي يشكّ فيه

الفقه في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى (١):

قولُه (٢): "إنَّ أهلَ العِلْمِ يَنْهَوْنَ عن أنّ يُصَامَ اليَوْم الّذي يُشَكُّ فيه" قال علماؤنا (٣): إنّما ذلك على سبيل الاحتياط لرمضان، ويرونَ أنَّ صيامَهُ لا يجزئ من صامه إذا ثبتَ بعد ذلك أنَّه من رمضان، وعليه أنّ يقضيه، ولا بأس بصيامه على وَجْهِ التَّطَوُّعِ.

المسألة الثّانية:

قلنا: أكثرُ العلّماء على الكراهية ذريعة، ربما خطر بِالْبَالِ الاحتراز من هذه الحال، فيقول المرء: أصومُ قبل الشَّهرِ مخافَةَ ان اوقع الفِطْر فيه. وهذه معصيةٌ عظيمة في الدِّين، قال عمار بن ياسر: من صامَ يوم الشَّكِّ فقد عَصَا أبَا القاسِم (٤). وقال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بيَوْمٍ ولا يَوْمَيْنِ" (٥) بل روى أبو داود: "إذًا انْتَصفَ شَعْبَان، فلا يصومنَّ أحدكم حتَّى يأتي رَمَضَان" (٦) وهذا إنّما فَعَلَهُ - صلّى الله عليه وسلم - احترازًا ممّا فَعَلَهُ أهل الكتاب؛ لأنّهم كانوا يزيدون في صومهم على ما فرضَ اللهُ عليهم أوِّلًا وآخرًا، حتّى بدَّلُوا العبادةَ، فلهذا لا يجوز استقبال رمضان ولا تشييعه، ومن أجله قلنا في قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَامَ رَمَضانَ" فقد حصلت له المثوبة بصومه عشرة أشهر، ومن صام ستّة أيّام، فقد حصلت له مثوبة ستِّين يومًا. وذلك الدّهر، فأفضلها أنّ تكون في عشر ذي الحجَّة إذ الصّوم فيها أفضل منه في شوّال المذكور في الحديث، فيكون ذِكْرُهَا لتَحصِيلِ الأَجْرِ لا للتَّوْقِيتِ، وقد بَيَّنَّاهُ في مَوضِعِهِ.


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٢/ ٧٢.
(٢) أي قول مالكٌ في الموطَّأ (٨٥٨) رواية يحيى.
(٣) المقصود هو الإمام الباجي.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>