للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ الإيمانَ ههنا، وإنَّ القَسوَةَ وغِلَظَ القلوبِ في الفَدَّادينَ، عند أصول أَذنَابِ الإِبِلِ، حيث يَطلُعُ قرنا الشَّيطَانِ، وذلك في رَبِيعَةَ ومُضَرَ" (١).

وقال في الخبر (٢): "ما طَلَعَتِ الشَّمس قطُّ حتّى يَنخُسَها سبعون ألف مَلَكٍ؛ فيقولون لها: اطلُعِي اطلُعِي، فتقولُ: لا أطلُعُ على قومٍ يعبُدُونَنِي من دونِ الله، فيأتيها مَلَكٌ عن أمرِ الله فيأمُرُها بالطُّلوعِ، فيأتيها الشّيطانُ يريدُ أنّ يَصُدَّها عن الطّلوع، فَتَطلُعُ من قَرْنَيهِ، فَيَحْرِقُهُ الله تحتها، وما غَرَبَت قطُّ إلَّا خَرَّت له ساجدةً، فيأتيها الشّيطانُ يريدُ أنّ يَصُدَّها عن السَّجدَةِ، فَتَغرُبُ بين قَرْنَيهِ فَيَحرِقُهُ الله تحتَها"، ولذلك قالَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا طَلَعَت شَمسٌ إلَّا بين قَرنَي شَيطَانِ، ولا غَرَبَت إلَّا بين قَرْنَي شَيطَانِ" (٣).

قال الشّيخ أبو عمر (٤): "بلغني عن أبي محمَّد الأَصِيليّ؛ أنّه قال وقد سُئِلَ عن تأويلِ حديثِ زَيدٍ هذا، فقال: يُمكِنُ أنّ يكونَ للشّيطانِ قَرْنٌ يَظهَرُ عند طُلوعِ الشَّمسِ وعند غروبها، وهذا إشارة إلى الظّاهِرِ وحمله على الحقيقة"

وقال آخَرُونَ: معناه على المَجَازِ، وأنّه أراد بقَرْنَي الشّيطانِ ههنا أُمَّة يعبدون الشّمس من دُونِ الله (٥).

[الفصل الثالث في سرد المسائل]

وفيه ذِكرُ الأحاديثِ الواردةِ في ذلك:

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي (٦): أجمع العلماءُ - رضوانُ الله عليهم- أنّ نهيَهُ -عليه السّلام- عن الصّلاة عند الطلوعِ والغروبِ صحيحٌ غيرُ منسوخٍ، وأنَّه لم يعارِضهُ شيءٌ، إلَّا أنّهم اختلفوا في تعليله:


(١) أخرجه البخاري (٣٣٠٢)، ومسلم (٥١).
(٢) نقل المؤلِّف هذا الخبر من الاستذكار: ١/ ١٣٦ - ١٣٧ (ط. القاهرة).
(٣) رواه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٤/ ٧، وانظر كشف الخفاء للعجلوني: ١/ ١٩.
(٤) في التمهيد: ٤/ ١٠.
(٥) أورده ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١/ ١٣٧ (ط. القاهرة)، والتمهيد: ٤/ ١٠ - ١١.
(٦) هذه الفقرة مقتبسة من الاستذكار: ١/ ١٣٨ (ط. القاهرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>