للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رواية المجهول والضّعيفِ، فصارَ هذا الحديثُ قاعدةً من قواعدِ الرِّبا، اتّفقَ عليه العلّماءُ في الجملة، حتَّى إنَّ أبا حنيفةَ ناقضَ أصلَهُ فقال: لا يجوزُ بيعُ الحِنطَةِ المبلولةِ باليابِسَةِ بحالٍ (١)، وهذا هو الرُّطَب بالتَّمر بعينه، وليس لأصحابه فيها جوابٌ يُقنِعُ، وهذا هو بَيْعُ الرَّطْب بالتَّمر اليابس وأصلٌ فيه.

وأمّا بيع الرَّطبِ بالرَّطَبِ كالرَّطَبِ بالرَّطَبِ، فاختلفَ فيه عبدُ المَلِكِ (٢) وأصحابُ مالك. وكذلك العجينُ بالعجينِ، ذَكَرَ ابنُ القاسم جوازهُ في "كتاب محمّد" ولم يُجزْهُ في "العُتبِيَّة" (٣) بحالٍ، وإذا امتنع الرُّطَب باليابس لأنّ التّماثلَ مجهولٌ بينهما حالةَ الادِّخار، فكذلك يلزم الرَّطبُ* باليابِسِ لأنّ التّماثُلَ مجهولٌ فِيهِمَا حالةَ الادِّخارِ، فكذلك يلزَمُ في الرَّطبِ* بالرَّطبِ؛ لأنّ تساوَيهما حالةَ الادِّخار مجهول أيضًا، إِلَّا أنّ علماءنا سامَحوا في العجينِ بالعجينِ لِيَسَارَتهِ وخِفَّة أمرِهِ، وأنّه مستثنىً من القاعدةُ الرِّبَوِيَّة للحاجة إليه، وبَقِيَ التّحريمُ في الكثير الّذي يُقْصَدُ منه المُغابنةُ والمُكايَسَةُ على أصل القاعدةُ.

بَابُ مَا جَاءَ في المُزَابَنَةِ والمُحَاقَلَةِ

قال (٤) في حديث أبي سعيد؛ إنَّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ وَالمُحَاقَلَة (٥).


(١) انظر كتاب الأصل: ٥/ ٥٨.
(٢) فأجازه ابن حبيب في الواضحة، نصّ على ذلك ابن رشد في البيان والتحصيل: ٧/ ١٠٧.
(٣) ٧/ ١٠٦ في سماع ابن القاسم من مالك، من كتاب أوله: كتب عليه ذكر الحق.
(٤) هذه الفقرة مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: ٩٤/ أ.
(٥) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٨٢٨) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٥١٩)، وسويد (٢٣١)، وابن القاسم (١٥٨)، ومحمد بن الحسن (٧٨٠)، والقعنبي عند الجوهري (٣٢٩)، والشّافعيّ في مسند.: ١٤٦، وابن مهدي عند أحمد: ٣/ ٦، والتنيسي عند البخاريّ (٢١٨٦)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>