للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألةُ السّادسة:

فإن قيل: لأيَّ شيءِ لم يهتد للصّلاة أهل قُباء؟

قلنا: لأنهم كانوا يصلُّون لمكانٍ مشروعٍ ولم يبلغهم النَّسْخ، وهذه مسألة تتركَّبُ، هل النَّسْح يقعُ من ساعةِ النَّسْخِ، أو مِنْ وَقْتِ بُلُوغِهِ؟ وقد تقدَّم بيانُها في أَوَّلِ البابِ في رَجُلٍ وكَّلَ وكِيلًا وبعثَهُ إلى بلدٍ ليبيعَ له شيئًا، أو يبتاعه، ثم عَزَلَهُ وأَشْهَدَ على ذلك، هل تُرَدُ أفعالُ الوكيلِ من وقتِ عَزْلهٍ، أو بَعْدَ معرِفَةِ عَزْلهِ؟ وبيانُها في موضعها ان شاءَ اللهُ.

ما جاءَ في مسجدِ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -

مالك (١)، عن زَيْدِ بن رَبَاحٍ وعُبَيْدِ اللهِ بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله الأَغَرَّ، عن أبي هريرة؛ أنَ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "صَلاَةٌ في مسجدِي هذا، خَيْرٌ مِنْ أَلفِ صلاةٍ فيما سوَاهُ، إلَّا المَسْجِدَ الحَرَامِ".

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديثٌ صحيحٌ متَّفَقٌ عليه (٢)، خرِّجه الأيمّة (٣). وليس لزَيْد ابن رَبَاح في المُوَطَّأ حديث غير هذا. وكذلك عُبَيْد الله بن أبي عبد الله لم يُذْكَر في المُوَطَّأ إلَّا ههنا.

قال الإمام: ولهذا الحديث نظائر؛ لأنّه قد رُوِّينَا في الأحاديث المنثورات؛ إنّه قال - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ صلَّى في مَسْجِدِ مَكَّةَ فهو خيرٌ من مِئَةِ أَلفْ صلاةٍ فيما سِوَاهُ" ولمْ أرْضَ أنّ أَكْتُبُه لبُطلانِه، ومِثْله في البُطْلَان والضَّعْفِ ما رُوِيَ في الكتب البعيدة؛ أنّه - صلّى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الرَّجُل في بَيْتِه بعَشرِ صلواتٍ، وفي مَسْجِدِ القبائلِ بخمسٍ وعشرينَ صلاةٍ، وفي المسجد الجامِعِ بخَمْسِ مِئَةِ صلاةٍ، وفي مسجدي هذا بخمسين ألف صلاة، وفي بيت المَقدِسِ بخمسين ألف صلاة، وفي مكّة بمِئَةِ أَلفْ صلاةٍ (٤)، وصلاةٌ


(١) في الموطَّأ (٥٢٧) رواية يحيى.
(٢) أخرجه البخاريّ (١١٩٠)، ومسلم (١٣٩٤).
(٣) كالإمام أحمد: ٢/ ٢٥٦، ٣٨٦، والدارمي (١٤٢٥)، وابن ماجه (١٤٠٤)، والترمذي (٣٢٥)، والنسائي: ٥/ ٢١٤، وابن حبّان (١٦٢١) وغيرهم.
(٤) إلى هنا أخرجه ابن ماجه (١٤١٣)، والطبراني في الأوسط (٧٠٠٨)، وابن عدي في الكامل: =

<<  <  ج: ص:  >  >>