للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علماؤنا: هذا الحديثُ للحائضِ تَطْهُرُ، والصَّبيِّ يحتَلِمُ، والكافرِ يُسْلِمُ، فهؤلاء هم أهل الأعذارِ.

فأمَّا النّاسي يَذكُرُ، فكلُّ وقتٍ يَذْكُرُ له وَقْتٌ. وكذلك المُغْتَمَّ مَتَى ما ذَكَر فهو وَقْتُهُ، وإن تمادَى الذِّكرُ به فكلُّ ذلك له وقتٌ، وهذا داخل تحت قوله: "من نَامَ عن الصَّلاةِ أو نَسِيَهَا" (١) والنّاسي هو التّارك لغةً.

اسْتلْحَاقٌ (٢):

لمّا جعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقتَ العُذْرِ في العصر متَّصِلًا بغروبِ الشّمسِ وقتَ الصّلاةِ الّتي بعدَها، ركَّبَ عليه علماؤنا وقتَ ضرورةِ العَتَمَةِ، فجعلوا طلوعَ الفجرِ وقتَ الصّلاة الّتي بعدَها، وهذا إلحاقٌ صحيحٌ وتشبيهٌ بالغٌ.

غَائِلَةٌ وإيضاحٌ:

جعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - آخرَ الأوقاتِ الخَمْسِ في الصّلواتِ محدّدًا بمُشاهدَةِ العيَانِ، لا يَصِحُّ فيه اختلافٌ، ولا يُدْرَكُ فيه ارتيابٌ، إلَّا العَتَمَةَ، فإنّه جعَلَ آخرَ وقتِها مُقَدَّرًا بالحَزْرِ والتَّخْمِينِ. ولذلك اختلفتِ الرِّوايات ما بين ثلُث اللَّيل ونصفه، ولهذا أدخل مالكٌ (٣): "إِلَى شَطْرِ اللَّيلِ، ولا تَكُن من الغافلينَ" لأنّه أحَدُ وَجْهَي التّحديدِ، والحِكْمَةُ في أنّ جُعِلَ موقوفًا على التّخمِينِ؛ أنّ الظِّلَّ بالنّهار علامةٌ مُعَايَنَةٌ، فعلَّقَ النَّظرَ بها, وليس باللّيل علامةٌ مُعَايَنَةٌ، ولا يكلِّف اللهُ نفسًا إلَّا وُسْعَها، فَوُكِّلُوا إلى التّقدير وعُذِروا في التّقصيرِ.

[حديث خامس]

مالكُ (٤): عن نَافِعٍ مَوْلَى عبدِ اللهِ بنِ عمَرَ؛ أنّ عمرَ بنَ الخطابِ كَتَبَ إلى عُمَّالِهِ،


(١) أخرجه مسلم (٦٨٤) من حديث أنس بن مالك.
(٢) انظره في القبس: ١/ ٨٠.
(٣) في الموطأ (١٠) رواية يحيى، من قول عمر موقوفًا.
(٤) في الموطأ (٦) رواية يحيى، ورواه عن مالك: القعنبي (٨)، وسويد (٥)، وأبو مصعب (٦). وهذا الأثر موقوف؛ لأنّ نافعًا لم يلق عمر، وقد رواه عبد الرزاق (٢٠٣٩) عن معمر، عن أيّوب، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنّ عمر بن الخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>