للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدّمةُ الثّانِيَةُ في شُروطِ الجُمُعَةِ

وللجمعة شروط لا تجب إلَّا بها وتصحُّ دُونَها، وشرائط لا تجب الجمعة إلَّا بها ولا تصحُّ دونَها، وفرائض لا تصحُّ إلَّا بها, وسُنَنٌ وفضائل لا تكمل (١) إلَّا بها.

تفسيرُ هَذِهِ الجُملَةِ:

أمّا الشّرائطُ الّتي لا تجب إلَّا بها وتصحّ دونها، فهي ثلاثة: الذّكورة، والحريّة، والإقامة؛ لأنّ العبد والمسافر والمرأة لا تجب عليهم جمعة، ولهم أنّ يصلّوها.

وأمّا الشرائط الّتي لا تجب الجمعة إلَّا بها ولا تصحُّ دونها، فهي ثلاثة أيضًا.

قال الإمام الحافظ: وهي الجماعةُ وموضع الاستيطان، قرية كانت أو مصرًا، على مذهب مالكٌ - رحمه الله - وقيل في الإمام والجماعة: إنّهما من شرائط الصِّحَّةِ، كالوُضوء والنِّية والتَّوَجُه إلى القِبلةِ، وما أشبه ذلك.

وقيل أيضًا: إنّهما من شرائط الوجوب.

قال الإمام: ولا يصحّ أنّ يقال فيهما: إنّهما من شرائط الوجوب دون الصِّحَّة، ولامن شرائط الصِّحَّة دون الوجوب. وإنّما الصّحيح أنّ يقال: إنّهما من شرائط الوجوب إذا عُدِمَا، ومن شرائط الصِّحَّة إذا وُجِدَا.

وبيان هذا: أنّ القومَ متى لم تكن لهم جماعة تصحّ بهم الجمعة، ولم يكن لهم إمامٌ يُحْسِنُ الإقامةَ بهم، سقَطَ عنهم فَرْض الجمعة. ومتى كانت لهم جماعة تصحّ بهم الجمعة, وإمامٌ يُحسِن إقامة الجمعة، وجبت عليهم إقامة الجمعة به، ووجبت عليهم إقامة الجمعة بالجماعة والإمام. ومتى لم يَمْتَثِلُوا ذلك، وجب عليهم إعادة الصّلاة الّتي صّلوا في الوقت، جمعة وظهرًا بعد الوقت، وكذلك موضع الاستيطان.

تفصيل (٢):

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي رضي الله عنه: أمّا قولُ مَنْ قال: "من شروطها الّتي لا تجب إلّا بها الذّكورة" فنعم؛ فلأنَّ الأُنوثة نقصانٌ يخلٌّ بالعقل، حسب ما نصَّ


(١) م: "لا تكون".
(٢) انظره في القبس: ١/ ٢٦٨ - ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>