للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

ومن بنَى مسجدًا بقريةٍ، ثمّ صلّى فيه، ثمّ باعه أو تصدّق به، على من هَدَمهُ وبنَاهُ دارًا فليفسخ ذلك ويردّ إلى ما كان عليه من الحَبسِ؛ لأنّ المسجد لله لا يباع ولا يغيَّر، قاله مُطَرِّف، ومعنى ذلك: أنّ المسجدَ من جملةِ الأحباسِ اللازمة، بل هو من أَوكَدِها؛ لأنّها خالصة لله ومضافة إليه، لقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} الآية (١).

وأمّا قول مُطَرِّف: "من بني مسجدًا" يريد على الصُّورة المختصَّة بالمساجد.

"ثُمَّ بَنَاهُ دَارًا" يريدُ نقله إلى صورة الدُّور.

وقوله: "ثمّ يردُّ إلى ما كان عليه" يقتضي عندي أنّ للمسجد بنيانًا مخصوصًا يمنع من يريد التّمليك من بنائه ويمنع من تملُّكه.

فرع:

ومن حبَّسَ حَبسًا وعليه دَيْنٌ قَبلَهُ، واستحدث دَينًا بعده، فقام أهل الدِّين، فقال سحنون: يُباع منها للدَّين القديم ويدخل معهم أهل الدَّين الثّاني ولا يباع منها غير ذلك، وقد قيل: إذا دخل معهم الآخرون، بيع للأوّلين بقَدْرِ ما انتقصهم الآخرون، ثمّ يدخل عليهم الآخرون، هكذا أبدًا حتّى يستوفوا ويفرغ الحَبْس، وكذلك لأصحابنا قولان في العتق.

الباب الثّامن (٢)

فيمن تعود إليه منانع العُمرَى والحَبس بعد موت المعمّر والمُحَبَّس عليهم فأمّا العُمرَى والحَبس الّذي حكمه حكم العُمرَى، فإنّما تعود إلى صاحب الأصل إذا كان حيًّا، فإن كان ميِّتًا فإلى وَرَثَتِه يوم مات (٣)؛ لأنّه لم يُخرجه عن ملكه إخراجًا


(١) البقرة: ١١٤.
(٢) هذا الباب مقتبس من المنتقى: ٦/ ١٣١ - ١٣٢.
(٣) يقول أحمد بن مغيث في المقنع: ٣٣٤ "هذا قول مالك وجميع أصحابه، وبه العمل، وعليه فتيا الشّيوخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>