للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الرَّجْمِ والحدود

[مقدمة]

قال أبو حاتم (١): يقالُ رجلٌ محدودٌ، إذا أُقِيمَ عليه الحدُّ، وإنّما سُمِّي حَدًّا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قد حَدَّه وأمرَ عباده به.

والرَّجمُ مأخوذٌ من الحِجَارَةِ، وهي الرَّميُ بها، والرّجام: الحجارةُ، واحدُها رَجمَةٌ، ورَجَمٌ، وَرِجامٌ.

والجلد سُمِّيَ بذلك؛ لأنّه يكشف عن بَدَنِهِ فيضربُ على جلده، يقالُ: جُلِدَ الرَّجلُ، معناه: ضُرِبَ على جلده.

قال الإمام (٢): الرَّجمُ سنَّةٌ ماضيةٌ، وأصلٌ في الشّريعة، تقدَّمَ في المِلَلِ قبلَها، وقرَّرَهُ الإِسلامُ بعدَها، وكان من حُجَجِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - على اليهودِ في إنكارِهِم لنُبُوَّتِه، حتّى انتهتِ الحالُ إلى أنّ تكون البهائمُ تفعَلُهُ، كما ورد في "البخاريّ" (٣) عن عَمرِو بْنِ مَيمَونٍ؛ أَنَّهُ شَاهَدَ في الجَاهِلِيّةِ رَجمَ القِرَدَةِ عَلَى الزِّنَا، مُختَصَرًا، وَصُورَتُه: أنّه قال: رَأَيتُ قِرْدَةً تُضَاجِعُ صَاحِبَهَا، حَتى جاءَ قِرْدٌ مُختَفِيًا، فَلَمَّا أَحَسَّتْ بِهِ سَلَبَت ذِراعَهَا من تَحْتِ رَأسِ صَاحِبِهَا، ثُمَّ مَشَت إِلَيهِ فَوَاقَعَهَا، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ عَادَت إِلَى مَضَجَعِهَا مَعَ صَاحِبِها، فَلَمَّا اسْتَيقَظَ استنكَرَها وَصَاحَ، واجتَمَعَتِ القُرُودُ فَشَمُّوها، ثُمَّ رَجَمُوها بِالحِجَارَةِ وأنا أنظرُ إليهم.

تنبيه (٤):

قال الإمام: فإمّا أنّ يكونَ هذا من أفعالِ من كان شَخصًا ثمّ صارَ مَسْخًا، وإمّا أنّ


(١) في كتابه الزِّينة: صفحة ٤١٠ - ٤١١ (مخطوط دار صدّام رقم: ١٣٠٦).
(٢) انظر هذه الفقرة في القبس: ٣/ ١٠٠٢ - ١٠٠٣.
(٣) الحديث (٣٨٤٩).
(٤) انظره في القبس: ٣/ ١٠٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>