للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا بَيْعُ المُرَابحةِ فإنّه على وجهينِ:

أحدُهما: أنّ يُبايِعَهُ على رِبْحٍ مسمَّى على جملةِ الشّيء.

الثّاني: أنّ يُبايعَهُ على أنَّ يُرْبِحَهُ للدّرهم دِرهما, وللدِّرهم نصف دِرْهَم،*وللعشرة أحد عشر درْهمًا، أو أقل من ذلك أو أكثر، ممّا يتفقان عليه من الأجزاء.

فأما إذا بَايَعَهُ على أنَّ يُربِحَهُ للدِّرهم درهمًا، أو للدِّرهم نصف درْهَم*، أو للعشرة أحَدَ عَشَر دِرْهَمًا وما أشبه ذلك، فإنّ ما كان في السِّلعة المبيعة ممّا له عينٌ قائمةٌ، كالصبغ والكِمْرِ والفَتْلِ وما أشبه ذلك، فإنّه بمنزلةِ الثَّمَنِ يُحْسَبُ، ويُحْسَبُ له الرِّبح.

وأمّا ما ليس له عينٌ قائمة، فإنّه على وجهين:

أحدهما: ما يختصُّ بالمُبْتَاعِ.

والثّاني: ما لا يختصُّ به، على وجوهٍ نُبَيِّنُها إنَّ شاء الله.

القاعدةُ الرّابعة (١)

قولُه -عليه السّلام-: "لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، وَلَا الْفِضَّةَ بالْفِضَّةِ، وَلا الْبُرَّ بِالْبُرِّ ... " الحديث إلى قولِهِ: "إِلَّا سَواءً بسَوَاءٍ، عَيْنًا بعَينٍ، يَدًا بَيدٍ" (٢) فقال العلّماءُ: الجهلُ في التَّمَاثُلِ في فسادِ البَيْعِ كالعِلْمِ بالتَّفاضُلِ؛ لأنّ النَّبيَّ عليه السّلام شَرَطَ السّواءَ في الكَيْلِ والمِثْلَ في العدَدِ، واتَّفقَ عليه جميعُهم، إِلَّا أنَّ مالكًا قال: إنَّ العِلْمَ بالتَّمَاثُلِ يجوزُ أنَّ يُدْرَكَ بالتَّحرِّي في الأموالِ الرَّبَوِيَّة، ونَصَّ على ذلك في البَيْضِ بالبَيضِ، والخُبْزِ بالخُبزِ، واللّحمِ باللّحمِ، والقَدِيْد باللَّحم، وشبه ذلك.

واختلفَ علماؤُنا في نقل ذلك عنه، فتارةً جعلوهُ عامًا، وتارةً جعلوهُ خاصًّا فيما ذكرنا، والصَّحيحُ عمومُه؛ لأنّ مالكًا جعل الحَزْرَ والتَّخْمِينَ طريقًا من المعرفة بالظَّاهرِ من


(١) انظرها في القبس: ٢/ ٧٨٧ - ٧٨٨.
(٢) سبق تخريجه صفحة: ١٧، التعليق رقم: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>