للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُمكِنِ في الوجودِ، الغالب في الأحوالِ، وهو التَّنَزُّهُ عن الكبائر، فإذا صانَ العبدُ - بفضل الله - نفسَهُ عن الكبائر وَأكثَر الصّغائر كانَ عَدلًا.

نكتةٌ بديعة (١):

وهي أنّ العِيَارَ في الدنيا يُخرِجُ الخالصَ في الآخِرَةِ، وهو اعتدالُ الميزان، بألّا تكون في الكفّة كبيرةٌ، فإنَّ كِفةَ السَّيِّئاتِ إنَّ تفرّغَتْ عنِ الكَبائر، عُلِمَ قطعًا أنّ الميزانَ لا يميلُ إليها. فإما أنّ يعتَدِلَ، وإمَّا أنّ يخِفَّ بها، ويكونَ الرُّجحان للكِفَّةِ الأُخرى، وإلى هذا وقعَتِ الإشارةُ بقولِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} الآية (٢). ولذلك شرط العلّماءُ اجتناب الدَّنَاءَاتِ لحفظِ المُرُوءَة، وهو الشّرطُ الخامسُ؛ لأنّ المُرُوءَةَ سِترُ الدِّين والحجابُ بينَهُ وبين المَعَاصِي، كالثَّوب يسترُ البَدَنَ عن الحَرُورِ والزَّمهَرِيرِ. وضبطُ المُرُوءَة ممًا عَسُرَ على العُلَماء، ولم يَنطِق به فقيهٌ، وقد بيّنّاه في "مسائل الخلاف" على الإيضَاح، والضّابطُ لكم الآن فيه: ألَّا يأتيَ أحدٌ منكم ما يُعتَذَرُ مِنهُ، مِمَّا يَبخَسُه عن مرتَبَتِهِ عندَ أهل الفضلِ (٣)، وحينئذ يكون من أهل العدالة.

الفصل الرّابع (٤) في لفظها وحكمها

رَوَى ابنُ وَهب عن مالك في المُزَكِّي يقول: "لا أعلمُ إِلّا خيرًا" وهو يلقاهُ في الطّريق ولا يَعلَم منه إِلَّا خيرًا، قال: لا يجوز هذا.

وقال سحنون: ولا يُجزِىءُ أنّ يقولَ: صَالِحٌ.


(١) انظرها في القبس: ٣/ ٨٨٧.
(٢) البقرة: ١٤٣.
(٣) نقل ابن شاش في عقد الجواهر الثمينة: ٣/ ١٤٠ هذا التعريف منسوبًا لابن العربي.
(٤) هذا الفصل مقتبس من المنتقى: ٥/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>