للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ ما جاء في جُلود المَيْتَةِ

مالك (١)؛ عن ابن شهابٍ، حديثُ ابن عبّاسٍ.

قولُه (٢):"إذا دُبغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ" حديثٌ صحيحٌ متَّفَقٌ عليه (٣)، خَرَّجَهُ الأيمَّةُ، وفيهِ كلامٌ طويلٌ لأهلِ الأُصولِ والمتفقِّهينَ من أشياخنا، واضطربوا فيها اضطرابًا كثيرًا؛ لأنّه تُعَارِضُه الأحاديث هاهنا، فقال أحمدُ بنُ حنبلٍ (٤): لا يُنتفعُ بجلودِ الميِّتةِ بحالٍ وإن دُبغَ، لحديث عبد اللهِ بنِ عُكَيْم؛ أتانا كتاب رسول اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قبلَ موتِهِ بشهرٍ: "لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الميِّتةِ بإِهَابٍ ولا بعَصبٍ" (٥) قال: وهذا معارَضٌ بحديثِ ابنِ عبّاس، لكن هذا معلومُ التّاريخِ، وذلك مجهولُ التّاريخ" ولا خلافَ بين العلّماءِ أنّ المعلومَ التَّاريخِ هو الّذي يُقَدِّم على المجهولِ.

الأصول:

قال بعضُ عَلمائِنا: هذا الحديثُ في شاةِ ميمونَة خرجَ على سبَبٍ، والعمومُ إذا خرجَ على سببٍ قُصِرَ عليه عند بعضِ أهل الأصولِ، وأُلحِقَ بهذا السَّبب البقرةُ والبعيرُ وشبهُ ذلك، للاتِّفاقِ على أنّ حُكمَ ذلك حُكمُ الشّاةِ.

وقال بعضُهم: بل يتعدَّى ويعمُّ بِحُكمِ مقتضَى اللَّفظِ، ويجبُ حَمْلُهُ على كلِّ شيءٍ حتَّى الخنزير.


(١) في الموطَّأ (١٤٣٦) رواية يحبى، ورواه عن مالك مرسلًا: أبو مصعب (٢١٧٩)،وسويد (٤١٥)، ومحمد بن الحسن (٩٨٧) والشّافعيّ في مسنده: ٢/ ١٠، ورواه عنه متصلًا: ابن القاسم (٥٢)، علي بن زياد (٧٧)، وحماد بن خالد عند أحمد: ١/ ٣٢٧، وابن وهب في شرح معاني الآثار: ١/ ٤٧٢.
(٢) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطَّأ (١٤٣٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٢٨٠)، وسويد (٤١٥)، وابن القاسم (١٨٢)، وعلي بن زياد (٧٩)، ومحمد بن الحسن (٩٨٥)، والشّافعيّ في مسنده: ١٠.
(٣) خرجه البخاريّ (٢٢٢١)، ومسلم (٢٦٣).
(٤) وهو الصّحيح من المذهب، كما نصّ على ذلك ابن قدامة في الشرح الكبير: ١/ ١٦١.
(٥) أخرجه الطيالسي (١٢٩٣)، وعبد الرزّاق (٢٠٢)، وابن أبي شيبة (٢٥٢٧٦)، وأحمد: ٤/ ٣١٠، وعبد ابن حميد (٤٨٨)، وأبو داود (٤١٢٧)، وابن ماجه (٣٦١٣)، والترمذي (١٧٢٩) وقال: "هذا حديث حسن".

<<  <  ج: ص:  >  >>