كتاب المسالك في شرح موطأ مالك

كتاب الصلاة الأول ما جاء في النداء للصلاة - صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -في الوتر - ج: 2 - ص: 493

صلاةُ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -في الوِتْرِ

فيه ثمان مسائل:

المسألة الأولى: في الإسناد

روى (١) هذا الحديث (٢) جماعة عن ابن شهاب؛ فزادوا فيه: " يُسَلَّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ". ورواه مالكٌ عن الزُّهري، عن عروة، عن عائشة، في عدد ركعات النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في الوِتْرِ موافقًا لما رواه هشام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن عائشة، فقال فيه: "إِنّ النّبيَّ عليه السّلام كان يُوتِرُ بثلاث عشرة ركعة". والصّحيح في هذا عن عائشة ما رواه الزُّهريّ وسعيد بن أبي سعيد؛ أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه كان يُوتِرُ بإحدى عشرة ركعة (٣).

قال الإمام: والغَلَطُ فيه من طريقِ هشامٍ لا غير.

وقوله: "يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ" يقتضي أنَّ الوِتْرَ واحدةٌ (٤). وقد (٥) اختلف النَّاس في الوِتْرِ في ثلاث مسائل: أحدها: وجوبه. والثّانية: عدده. والثّالثة: إفرادُه من الشَّفْعِ.

فأمّا وُجُوبُه، فقد اختلف العلماء في ذلك:

فذهب مالكٌ - رضي الله عنه - إلى أنّه غير واجبٍ (٦)، وبه قال الشّافعيّ (٧).

وقال أبو حنيفة (٨): هو واجببٌ وليس بفَرْضٍ، والوجوبُ عنده دون الفَرْضِ وفوق السُّنَنِ، ومزيّته على السُّنَنِ أنّه يجوز ترك السُّنَنِ ولا يجوز ترك الوجوب (٩)

---

(١) هذه الفقرة مقتبسة من المنتفي: ١/ ٢١٤.
(٢) بقصد حديث مالكٌ في الموطَّأ (٣١٤) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزّبير, عن عائشة زوج النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّي من اللَّيلِ إحْدَى عَشرَة ركْعَةً، يُوتِرُ منها بواحدةٍ, فإذا فَرَغَ، اضطَجَعَ على شِقّهِ الأيْمَنِ.
(٣) انَظر تفصيل ما أجمله المؤلِّف ها هنا في التمهيد: ٨/ ١٢١ - ١٢٤.
(٤) أي بركعة واحدة، قاله ابن عبد البر في الاستذكار: ٥/ ٢٢٩.
(٥) من هنا إلى آخر المسألة مقتبسٌ من المنتقي: ١/ ٢١٤.
(٦) انظر التلقبن: ٣٨.
(٧) انظر الأم: ١/ ١٤٢ (ط. المعرفة).
(٨) انظر مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٢٤، والمبسوط: ١/ ١٥٥ - ١٥٦.
(٩) في المنتقى: "الواجب".