للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فكيف جازَ لابنِ عمر أنّ ينظر إلى مقعد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -.

فالجوابُ عنه من وجهين:

أحدهما: أنّه يجوزُ أنّ يكون حانت (١) منه التِفَاتَة، فرآهُ ولم يكن يقصد ذلك قصْدًا، فقال ما رأى، وقصدُ هذا لا يجوز، كما لا يتعمَّد الشُّهود النَّظَر إلى الزِّنا، ثمّ قد يجوز أنّ تَقَعَ أبصارُهم عليه، ويجوز أنّ يحملوا الشّهادة بعد ذلك.

جواب الثّاني - قال علماؤنا: قد يحتمل أنّ يكون ابن عمر قصدَ ذلك ورأَى رأسه دون ما عَدَاهُ من بَدَنِه، ثمّ تأمَّل قُعُودَهُ، فعرف كيف هو جالسٌ ليستفيد فِعْلَهُ، فيقول ما شاهدَهُ.

وقع (٢) في "المبسوط" عن نافع عن ابن عمر؟ أنّه قال: كانت منِّي لفتة، فرأيتُ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - في المخدع مستقبلَ القِبْلَة، فاقتضى ذلك أنّ ابنَ عمر لم يقصد النَّظَرَ إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - على تلك الحالة.

الرُّخصة في استقبال القِبْلَة لبَوْلٍ أو غائطٍ

الفقه في مسألتين:

المسألة الأولى (٣):

اختلفَ العلماءُ في الرُّخْصةِ في ذلك، فرُوي عن أبي حنيفة -كما تقدَّم- الاستدبار في الصَّحَارِي، وفي (٤) البُنْيَان جائز ولا يجوز الاستقبال.

وقال عُرْوَة ورَبِيعَة: يجوز الاستقبال والاستدبار جميعًا في الصّحَارِي والبُنْيَان. وقال مالك (٥) والشّافعىّ: لا يجوز ذلك في الصّحراء، ويجوز في الأبنية، كما تقدَّمَ.


(١) م:" كانت".
(٢) هذه الفقرة مُقْتبسَةٌ من المنتقى: ١/ ٣٣٦.
(٣) انظرها في عارضة الأحرذي: ١/ ٢٦ - ٢٧.
(٤) "في" زيادة من العارضة.
(٥) انظر المدوّنة: ١/ ٧ في استقبال القبلة للغائط والبَوْل.

<<  <  ج: ص:  >  >>